 بغداد / المدىوكأن المشاكل والأزمات البيئية في العراق بحاجة إلى زيادة الفضلات الورقية لتضيف عبئا آخر إليها، في حين يؤكد المختصون أنه بالإمكان الإفادة منها عبر تدويرها لتحقيق منافع اقتصادية وبيئية.مدرس العلوم والناشط البيئي ماجد شكري يشعر بالقلق بسبب التعامل المضر بالبيئة مع مخلفات الورق في العراق، وافتقار البلد إلى تقنيات إعادة التصنيع، حيث تذهب نفايات الورق إلى مكب النفايات، مسببة أضراراً فادحة بالمحيط وخسائر اقتصادية جمة، بحسب ما ذكر لموقع "إيلاف" الإلكتروني.
مكبّات النفاياتومع الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي والاقتصادي في العراق، ازدادت المخلفات الورقية في العراق بشكل هائل، على شكل علب كارتون وصحف وعلب ورقية إضافة إلى صناديق المنتجات المختلفة ومخلفات المكاتب والمدارس والمؤسسات. ومن الأمثلة على سوء التعامل مع الورق، ما يفعله رؤوف حسن كل يوم، فما أن ينتهي من عمله في متجره الذي يضم أجهزة استنساخ وكتب ولوازم مدرسية، حتى يسارع إلى رمي قطع الورق والكارتون في علبة مهملات تحتوي شتى أنواع النفايات تصل إلى 20 كغم يوميا. ويقول حسن: "نرمي المنتجات الورقية جنباً إلى جنب مع نفايات الأكل والأنواع الأخرى". وبحسب حسن فإنه لم يحدث يوماً أن جمع الورق في أماكن مخصصة له، كما لم يحدث يوماً أن الجهات المعنية وضعت حاويات خاصة بالورق. وفي أغلب مدن العراق تُرمى علب الكارتون في الشوارع، من قبل أصحاب المتاجر والزبائن، أو أنها تُرمى إلى جانب نفايات الزجاج والبلاستك، والأكل من دون الإفادة منها.نظام عصريويرى المهندس أيمن كامل "أن العراق يحتاج إلى نظام عصري لإعادة التصنيع، بغية التقليل من الأموال المهدورة، إضافة إلى الفوائد البيئية المرجوة من ذلك". ويؤكد "ان الخطوة الأولى في مجال الافادة من النفايات الورقية، نشر الوعي بين السكان لاسيما طلاب المدارس، وربات البيوت وأصحاب المصالح".ومع تزايد استهلاك الورق في العراق، تصبح الحاجة ضرورية لإعادة التدوير وتحويل النفايات إلى منتجات الأوراق الصديقة للبيئة بأقل التكاليف. وينتقد كامل غياب القرارات الواعية لدى الجهات المعنية والمناهج التعليمية التي تحث الناس على تغيير أسلوبهم الاستهلاكي، مشيرا إلى أنه "حتى المؤسسات الحكومية تتعامل مع الفضلات الورقية بشكل خاطئ". ولفت إلى أن الكثير من دول العالم، تعتمد شركات النشر والمطابع ومصانع علب الكارتون، في تعاملاتها على الورق معاد التصنيع الذي يساهم بشكل كبير في التقليل من كلف الكتب والقرطاسية ومنتجات الورق الأخرى.rnتأثيرات بيئيّةوتؤثر مخلفات الورق بشكل سلبي على البيئة إذا ما رميت في العراء، لاحتوائها على الأحبار والنايلون ومواد كيماوية أخرى.كما يؤدي إشعال القمامة في بعض الأحيان، إلى احتراق بقايا الورق والكرتون والمطبوعات، يصاحبه احتراق مواد سامة تدخل في صناعة الأحبار والألوان لينتج أبخرة سامة مزودة بالذرات الكربونية التي تهاجم الجهاز التنفسي للإنسان والحيوان. وفي اغلب دول العالم، تمثل نسب التلوث، من جراء صناعة الورق، خطراً داهماً بالبيئة، نظرا لزيادة استهلاك أشجار الغابات مما يخل بالتوازن البيئي للأوكسجين في الهواء. ويلفت المهندس كامل إلى أن استخدام معالجة كيميائية للفضلات ينتج نوعيات جيدة من الكرتون.إعادة التدويرومن جهة أخرى، تعاني معامل الورق في العراق من تخلف تقنياتها أو توقفها الكامل.ويشرح المهندس أيمن كامل عن عمليات التدوير التي تبدأ أولا بإذابة فضلات الورق المفروز في حوض مياه كبير بمواد منظفة بنسبة 5% لإزالة الشحوم والزيوت، بعدها يصنع بشكل عجينة في وعاء كبير مزود بخلاط ثم تضاف بعض العناصر الكيمياوية ويستمر الخلط بتقليب العجينة. ويذكر ان في ساحات القمامة في جنوب بغداد، يجذب انتباه كثيرين منظر اكوام الفضلات غير المصنعة حيث يختلط البلاستك مع الورق وبقايا الطعام وعلب بلاستيكية وزجاجية. ويشير كامل الى ان العراق سيستفيد كثيراً من تطوير تقنيات التدوير لانه سيقلل من الاعتماد على المواد الأولية المستوردة من الخارج، مضيفاً "ان الاستفادة من فضلات الورق سيوفر عملة صعبة كثيرة للبلد"، مضيفا ان العراق الى الآن يفتقد إلى مصنع لعجائن الورق. ولكي تنهض هذه الصناعة يحتاج البلد الى مستثمرين لمعملي ورق البصرة والعمارة، بحسب كامل. إلا انه يتوقع صعوبات أمام تأسيس معامل للعجائن بسبب شح المياه العذبة الداخلة في هذه الصناعة حيث يحتاج الكيلوغرام الواحد من العجينة الى عشرة ليترات من الماء.