علاء حسن أهالي البصرة يعرفون الراحل تومان وطبيعة مهنته و"ملاعيبه" البريئة ، وأساليبه في الترويج للأفلام المعروضة في دور السينما في مدينته وكانت بالعشرات ، وتعرض أفلاما مصرية وأجنبية وأخرى هندية ، والرجل كان يجول في الشوارع العامة وخلفه صورة بطل الفيلم، وأثناء تجواله كان يعزف على الناي "الماصول " بلهجة البصريين وبطريقة تثير الإعجاب ،
وتحثهم على الذهاب لدار السينما وبأعداد كبيرة من الجنسين لقضاء أمسية هادئة خالية من الصفير وتعليقات المراهقين، وعلى مدى عشرات السنين كان "تومان" بطل كل الأفلام ، لأنه الوحيد صاحب الموهبة في إقناع الجمهور على مشاهدتها ، وبطريقته في الترويج والإعلان كانت خدماته مطلوبة من قبل أصحاب دور السينما .البصرة لا تختلف عن بغداد في فقدانها دور العرض السينمائية وكذلك بقية المدن العراقية الأخرى ، وحتى في المحمودية كانت هناك دار عرض تمتنع عن عرض الأفلام الحربية ، لأن صاحبها كان يخشى أن تؤثر الأصوات في السقف فينهار على رؤوس المشاهدين ، وأصحاب دور السينما باستثناء البصرة استعانوا بأساليب أخرى للإعلان عن أفلامهم ، ولكن ليس على طريقة" تومان" المبتكرة . الإذاعات والفضائيات المحلية هذه الأيام روجت لبطل فيلم جديد تفوق على تومان البصراوي فأخبار نشراتها تتجاهل الأحداث المهمة في الساحة العراقية وتركز على ملف الهاشمي وقضية المطلك ، فبين ردود أفعال شعبية ، ووجهات نظر وآراء المحللين السياسيين والمراقبين، يصبح المطلك والهاشمي بطلي فيلم مستهلك ، لا يستقطب اهتمام وإعجاب الجمهور المنهمك بهمومه ومعاناته ، وانتظار الرحمة الحكومية بتلبية مطالبه ، وهي لا تتعدى توفير سبل الاستقرار الأمني ، ولا يهمه مسار العملية السياسية ، والخلاف الشائك بين الأطراف المشاركة في الحكومة . من تتوفر له فرصة تحدي " وجع الرأس" ويجازف بمتابعة نشرات الأخبار المحلية الإذاعية والتلفزيونية ، سيكون مجبرا على مشاهدة الفيلم اليومي ، من دون وجود مشاهد المتعة والمطاردات ، وعليه ان يستسلم لما يتعرض له من ضغط نفسي للوصول الى نتيجة ، او معرفة مصير البطل ، وهل باستطاعته الهروب من ملاحقة البوليس ، أو يستسلم للعدالة " وتومان" يعرف وحدة مصير بطل الفيلم. للتعرف على أبطال الأفلام العراقية الجديدة وبعد فقدان خدمات "تومان " يكفي تخصيص دقيقة واحدة من وقت "الباحثين عن الحقيقة" للاستماع إلى إذاعة محلية أو فضائية ، وبإمكانهم الاستعانة بعداد إلكتروني لاحتساب تكرار مفردة الهاشمي والمطلك في الخبر الواحد ، ويبدو ان الإصرار على ذلك يوحي ، بأن الأزمات السياسية تم تجاوزها ، ودخل العراقيون في ربيع جديد ، وستلتفت الحكومة لتطبيق برنامجها ومن ابرز مفرداته ضمان توفير الطاقة الكهربائية في الصيف المقبل قبل اندلاع تظاهرات احتجاجية تردد الشعار السابق " وين الكهربا يا دولة القانون " ، والحكومة وعلى حد وصف بعض المحللين السياسيين المعتمدين في الفضائيات والإذاعات ، ستصبح في غضون أيام قليلة معبودة الجماهير وبطلة الفيلم على نغمات "ماصول تومان" .
نص ردن: "تومان" بطل الفيلم
نشر في: 27 فبراير, 2012: 09:52 م