بدأت عمليات البحث عن آثار العراق القديمة منذ أواخر القرن التاسع عشر ، على يد المستشرقين والبعثات التنقيبية الأجنبية، فضلا عن المقيمين والقناصل الأوربيين وبعضهم من علماء الأثريات، واستمر الأمر إلى ثلاثينيات القرن الماضي، إذ بدأت بعض الأسماء ممن يعمل أصحابها في دائرة الآثار العامة أو المتحف العراقي الذي أسسته المس بيل في عام 1923. على أن عددا من الأسماء العراقية العاملة في التنقيب والبحث في الحضارة العراقية القديمة ، استطاعت أن تبز الآخرين وتقدم خدمات جليلة للفكر العراقي في هذا الموضوع، وأشهرهم الدكتور طه باقر الذي رحل عنا في مثل هذا اليوم من عام 1984 .
ولد طه باقر في الحلة عام 1912 في أسرة معروفة ، ومنذ طفولته فتح عينيه على الآثار البابلية القريبة من مدينته، وشاهد البعثات التنقيبية الأجنبية وأعلامها الكبار يجدون العمل بالبحث عن حضارات العراق الأولى، فعشق الأمر مبكرا، حتى تخرج في الثانوية المركزية ببغداد عام 1932 ، وذهب في بعثة علمية لدراسة التاريخ في جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة، فنال البكالوريوس والماجستير عام 1938 . وبعد عودته الى العراق عين خبيرا في مديرية الآثار العامة ثم أميناً للمتحف العراقي 1941ـ 1953 . ثم تولى منصب المدير العام للآثار 1958ـ1963 ، إضافة الى منصبه العلمي في جامعة بغداد كنائب لرئيسها . وفي عام 1965 عمل في ليبيا حتى عام 1971 ، فعاد إلى العراق، واستمر في انجاز بحوثه وكتبه التي أصبحت من المراجع المهمة في بابها. ومن أشهر هذه الكتب : ملحمة كلكامش، وقد بحث وترجم تاريخ هذه الملحمة وأهميتها التاريخية والأدبية، وكتابه مقدمة في تاريخ الحضارات في جزأين، ودليل المتحف العراقي ، ومن ألواح سومر ، وأدب العراق القديم . إضافة الى عشرات البحوث في المجلات العلمية المحكمة وعشرات المحاضرات والرحلات العلمية.رفعة عبد الرزاق محمد