TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: مؤقتة أم دائمة؟

أحاديث شفوية: مؤقتة أم دائمة؟

نشر في: 27 فبراير, 2012: 10:56 م

 احمد المهناعام 2003  عاد مصنع السياسة الى العمل في العراق بعد توقف طويل. وكان بين أهم منتجاته بنية سياسية مؤلفة من ثلاث قوى رئيسية، هي التحالف الوطني، ائتلاف العراقية، والتحالف الكردستاني، تعبيرا عما بات يعرف بالمكونات الثلاثة، أي الشيعة والسنة والكرد.
وتمثل هذه البنية السياسية أبرز وجوه  القطيعة مع تاريخ الدولة العراقية الممتد من تأسيسها الى انهيارها (1921 – 2003 ). فقد سقطت الحكومة المركزية التي عرفتها تلك الدولة، وانهار معها نموذج الحزب الوطني، الذي تتمثل فيه كل طوائف وإثنيات البلد.وكما هو معروف فإن نموذج هذه البنية السياسية ليس جديدا على مسرح السياسة الدولية، فهناك نظائر له في بلدان العالم المتقدم أو النامي. ففي بلجيكا مثلا خمسة أحزاب رئيسية ليس بينها حزب وطني واحد، وانما كل منها يمثل منطقة أو أقلية. لبنان مثل آخر. والفارق هو ان الأولى تعيش في ظل دولة ديمقراطية توافقية مستقرة، ووطنية تحولت فيها الهويات الفئوية الى انتماءات ثانوية. بينما ديمقراطية لبنان لم ترسخ الدولة ولا الإستقرار، ولا صنعت وطنيتها الغالبة على الانتماءات الثانوية.وعلى الرغم من أن " التحول العراقي" بات حقيقة واقعة، فإنه لم يصبح بعد مقبولا ولا مهضوما تماما لدى الرأي العام ، بما في ذلك ربما وسط بعض القوى الرئيسية المشكلة لهذه البنية السياسية. فأياد علاوي مثلا، وهو شيعي علماني، يرأس ائتلاف العراقية ذا الأغلبية السنية. وقد تجسد وضعية هذا الرجل صورة من صور مأساة نموذج يحتضر، ولكنه يستمر في المقاومة، وفي التشبث بالحياة. ولعل احد مظاهر مأساة علاوي يتجلى في انه حقق أعلى نسبة أصوات بين قادة العراقية في انتخابات 2010 ، كما انه على مستوى البلاد كان الثاني بعد المالكي من حيث عدد الأصوات االتي نالها، ولكنه خرج خالي الوفاض من أي منصب حكومي. ولمأساة علاوي أمثال ونظائر تشمل جميع الأحزاب والمنظمات التي تصنف نفسها تحت اسم " التيار الديمقراطي"، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي، وهو أطول الأحزاب العراقية عمرا.ولكن هل يمكن القول ان هذه المأساة توشك أن تكتمل فصولا، أم انها عارضة، أو طارئة، وقد تتحول وتتغير وتكتسب دينامية جديدة؟السؤال بصيغة أكثر تحديدا هو: هل هذه البنية السياسية الثلاثية الجديدة مؤقتة أم دائمة؟قد يصعب التنبؤ بهذه أو تلك، خصوصا وان " معامل السياسة" في بلداننا تشتغل احيانا على قاعدة عمل الرياح بالرمال. والسلطة عادة، بما تملك من قوة وثروة، هي الريح القادرة على تحديد الإتجاه.على أن السلطة في العراق لم تستقر بدرجة تمكنها من تحديد الإتجاه تحديدا حاسما. فهي مازالت في طور التكوين. كما ان التحالفات الثلاثة نفسها مازالت تعيش، بهذا القدر او ذاك، حالة شيزوفرينيا بين النظرية والممارسة. فهي تنهل في لغتها من قاموس الوطنية القديم، ولكنها تعمل انطلاقا من فكرة "المكون". ولعل هذه الشيزوفرينيا، السائدة خصوصا بين التحالف الوطني والعراقية، تعود أساسا الى ضغط الوطنية القديمة، وهي فكرة مازال الجمهور الواسع متشبثا بها، الى هذا الحد أو ذاك. ولربما كانت تظاهرات 25 شباط 2011 آخر أكبر تمثيلاتها. وقياسا الى حجم تلك التظاهرات فقد تكون أو لا تكون الأخيرة من نوعها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram