وديع غزوان رغم ما حققه إقليم كردستان من منجزات سياسية واقتصادية واجتماعية ، فإن أمامه الكثير من المهام الأخرى ، وخاصة في مجال ترسيخ التوجه الديمقراطي كونه المعيار الأساس لتحقيق مشاركة فاعلة لكل الكردستانيين في تعزيز التجربة على مختلف الصعد . وليس من باب المجاملة أو المديح القول إن قراءة صحيحة لمواقف السياسيين في الإقليم ،سواء من الحزبين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستانيين أو من أحزاب المعارضة الثلاثة الأخرى :التغيير والاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية ،
تؤشر حرصا متناميا عند الجميع على أن تكون انعكاسات الخلاف في وجهات النظر إيجابية في الشارع الكردستاني وتصب في صالح البناء الديمقراطي وتعميق الوعي باتجاهه .صحيح أن السطح يفرز أحيانا مظاهر سلبية وسلوكيات من هذا الطرف أو ذاك ، غير أن سرعة مبادرة الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني باعتبارهما يمثلان السلطة " سرعان ما تبدد الخوف وتضع الخلافات في إطارها الصحيح . بالمقابل فإن المعارضة هي الأخرى تستجيب لتطلع المواطن وهدفه الأساس المتمثل بالحفاظ على وحدة البيت الكردي ، فتسعى إلى تهدئة حالة التوتر دون أن تتنازل عن مطالبها أو تقلل من سقف مطالبها .الأمثلة كثيرة على ما قلناه ، منها الدعوات المتكررة لإشراك " معظم القوى السياسية الكردستانية " في الكابينة السابعة للحكومة التي كانت محور نقاش مستفيض في الاجتماع الأخير بين الرئيسين جلال طالباني و مسعود بارزاني ، إضافة إلى مبادرتي نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني نيجيرفان بارزاني المكلف المرشح لتشكيل حكومة الإقليم الأولى كانت من خلال رسالة نشرها على صفحته على "الفيس بوك " دعا فيها مواطني الإقليم إلى إبداء انتقاداتهم وآرائهم ومقترحاتهم لدراستها ،مشيراً إلى أن " من المستحيل أن تتسبب الآراء المخالفة في تفكيك هذا النسيج الذي يفتخر به إقليم كردستان " أما المبادرة الأخرى فجاءت في مقال عن مستقبل العلاقات بين الديمقراطي والاتحاد الإسلامي نشرته صحيفة هولير أكد فيه " ضرورة ترك التدهور في العلاقات بين الطرفين جانباً بأسرع وقت ممكن " . الشيء الإيجابي في الموضوع انه يرسم لعلاقة جديدة بين القوى السياسية افتقدناها كثيراً في الحياة السياسية منذ انفراط عقد الجبهة الوطنية بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 ومعروف حجم الخسائر والتضحيات التي دفعها الشعب غالياً بسبب النظرة المتعصبة للرأي الواحد التي طبعت مجمل العلاقة بين الأطراف السياسية التي دفع الشعب بكل مكوناته ثمناً غالياً بسببها ناهيك عن الفرص التي ضاعت لبناء وطننا على أسس صحيحة .وهنا لابد من التأكيد على ان البعض ان لم نقل اغلب سياسيينا عندما يتسلم مقاليد الحكم لايحتمل الرأي الاخر ، ويعد اي صوت معارض عرقلة مقصودة وراءها هدف مبيت لاسقاطه ، وهو ما ينبغي تصحيحه . نعم قد يندفع بعض اطراف الرأي الاخر كثيراً في مطالبهم حد المغالاة، لكن هذا لايبرر التقاطع معه حد التشكيك والاتهام ، حيث ان هذا سينعكس سلباً على الشارع ويعمق ازمة الثقة بين الاطراف جميعاً. وهنا نجد انفسنا مضطرين مرة اخرى الى مطالبة الجميع في أربيل او بغداد الى دعوة التيارات الوطنية الاخرى التي لم تحصل على مقاعد في البرلمان الى الاسهام في المناقشات سواء ما يخص منها تشكيل حكومة الإقليم او جلسات اللقاء الوطني، لان غيابها او تغييبها خسارة.
كردستانيات :غياب التيارات الوطنية خسارة
نشر في: 28 فبراير, 2012: 10:36 م