 قيس قاسم العجرش باستثناء العراق، فإن الديمقراطيات حول العالم عودت نفسها ان تتعامل بالأرقام . ولنفهم أن الأرقام لا تعني شيئاً بالضرورة في بلدنا فمناسبة إقرار الميزانية كانت بمثابة "حق اليقين"المجسد للاستدلال على ان الأرقام لا تعني شيئاً للحكومة. ولأن ما قيل عن صفقة المصفحات النيابية أكثر من حجمها بكثير،لذلك يصدق عليها أن تكون "القشاش الأكبر"الذي توّه الحقيقة وأعمى بصيرة الصحافة وفوت فرصة مناقشة بنودها والتحاسب على ما فات صرفه من الميزانيات الانفجارية السابقة.
ولنعلم كيف أن الأرقام لا مشاعر لها لذلك هي لا تكذب لنلاحظ مثلاً البيانات التالية:عام 2004 كان عدد الطلبة الجامعيين في العراق (368)الفا ،انخفض عام 2006 ليكون (353)الفا ثم انخفض مرة اخرى عام 2007 ليكون(325)الفا.وبين هذه الأعوام كانت ميزانية التعليم العالي تتصاعد طبيعيا مع تصاعد الحجم الكلي للميزانية العامة للدولة.هل يمكن اليوم ان نتحاسب عن اسباب هذه الزيادة وأين ذهبت؟هل يمكن اليوم ان يطلعنا وزير التعليم السابق (هو ورئيس وزرائه المسؤول المباشر عنه)عن اسباب تراجع اعداد الطلبة الجامعيين في العراق؟ بالأصل هل يمكن الوصول إلى جميع البيانات الرقمية لهذه الوزارة أو باقي الوزارات بطريقة حضارية وسلسة ؟.اليوم علينا أن نفهم معنى ان تكون الحكومة شفافة ، بعد ان تصدعنا لسنوات بهذه الجملة وغيرها من المستهلكات.يبدو أن الجميع في النادي البرلماني الحكومي قد اتفقوا على أن حديث الأرقام سيفتق الأفواه على التساؤل وسيفتح العيون على قوافل الأموال التي سبقت ميزانيتنا العظمى الحالية التي نستظل بظلها اليوم.الجميع اتفقوا على أن "نخبص"الناس ونلخمهم بكلمات المشاعر على طريقة مع وضد والحصيلة أن الجو سيضبب فلا يرى الناس شيئاً بينما الجماعة يعرفون أخفى مسارب القبض والصرف والتدليس على الأموال المشفوطة.مثل هذا المثال عن لغة الأرقام يمكن أن تثيره أي ورقة أو كتاب حكومي تطلع عليه الصحافة ،ولهذا كانت أولوية قانون حقوق الصحفيين أن قيد حق الوصول إلى المعلومات التي يمتلكها جميع الناس وهي ليست حكراً على الجهاز الحكومي المرعوب والباحث عن المصفحات.فهلوة السياسة هؤلاء سيستمرون بألاعيب الحاوي التي أصبحوا يجيدونها أكثر من أي شيء آخر .وبعد ذلك ،هناك من "يزعل"بسبب المصفحات ...لا يا سادتي ..المصفحات لا تمثل سوى 5 أجزاء من عشرة آلاف جزء من حجم الميزانية ..فبرأيكم عن أي كم من الأموال يجب أن نسأل ؟ ومن المستفيد في حال انحرفت أنظارنا إلى هذا الجزء البسيط ؟....عسى ألا يمنعونا حقنا في التساؤل.