عدنان حسين مع كلّ نوبة تفجيرات إرهابية يطلع علينا مسؤولون في الحكومة وزملاء لهم في البرلمان بما يوجّه الأنظار نحو فكرة أن نجاح الإرهابيين في عملهم لا علاقة له بعيوب النظام السياسي ومثالب العمل الحكومي، وإنما هو يرجع إلى ضعف العمل الاستخباري من دون حتى تبيان أسباب هذا الضعف.
هل يعود ذلك إلى عزوف الناس عن الالتحاق بأجهزة المخابرات مثلاً؟ أم لأن تخصيصات هذه الأجهزة في الموازنات السنوية محدودة؟ أم لأن هذه الأجهزة خاضعة لقانون المحاصصة الساري في دواوين الدولة والذي جعل منها دولة فاشلة في كل القطاعات بما فيها قطاع الأمن الذي يشمل المخابرات؟أياً كان السبب أو جملة الأسباب التي يُمكن أن يُقدمها المسؤولون الحكوميون والنواب الذين درجوا على الحديث عن القصور في العمل الاستخباري، فأننا خلال اليومين الماضيين اكتشفنا السبب الرئيس لذلك. فلدينا جهاز مخابرات مُعتبر في ما يبدو، يعمل بكفاءة عالية تشبه كفاءة جهاز المخابرات في عهد صدام حسين بدليل انه يقتفي آثاره ويتتبع خطواته.وتفصيل ما اكتشفناه يعكسه الكتاب السري الذي ذاع صيته وانتشر خبره خلال الأيام الماضية، وأعني به كتاب جهاز المخابرات 3061 (سري وشخصي) المؤرخ في 20 /2/2012 والموجّه الى قيادة عمليات بغداد. واستناداً الى هذا الكتاب جرى التوجيه بما يلي:((ينوي بعض أعضاء الحزب الشيوعي تنظيم تظاهرة يوم 25 شباط (الحالي) في محافظة بغداد - ساحة التحرير إحياء للذكرى الثانية لانطلاق التظاهرات يطالبون فيها توفير فرص عمل وإنهاء الخلافات السياسية لذا اقتضى الأمر متابعة تحركات أعضاء الحزب المذكور أعلاه كلاً ضمن قاطع المسؤولية وإعلامنا بتحركات أعضائه وأسمائهم لغرض متابعتهم من قبل الجهات المعنية. كما يرجى اتخاذ ما يلزم بصدد المعلومات آنفاً من إجراءات أمنية مشددة وتوفير تدابير الحيطة والحذر وفقا للقانون)).إذن فأن ضعف العمل الاستخباري تجاه الإرهاب والإرهابيين لا يعود إلى نقص في التمويل البشري أو المالي وإنما إلى أن جهاز مخابراتنا يعمل في الاتجاه المعاكس لاتجاه واجباته ومسؤولياته، كما يكشف الكتاب السري.. انه منشغل عن الإرهاب والإرهابيين بمتابعة وطنيين عراقيين مناهضين للإرهاب والإرهابيين وللفساد والمفسدين ولنظام المحاصصة والقائمين عليه وللتعديات السافرة على حقوق الشعب وحرياته وللتجاوزات على الدستور وأحكامه.لست أدري ان كان قادة جهاز مخابراتنا وعناصره قد قرأوا جيدا تاريخ بلادنا، وبالذات تاريخ الأجهزة الأمنية منذ عهد خليل كنة وبهجت العطية وعبد الجبار أيوب وسعيد قزاز ومروراً بعهد علي صالح السعدي وعمار علوش وناظم كزار وانتهاء بعهد صدام حسين وفاضل البراك، فهؤلاء جميعاً كانوا من ألد أعداء الشيوعيين واشتهروا بتنظيم المجازر في حقهم، لكن ماذا كانت مصائرهم؟نصيحة مجانية إلى جهاز مخابراتنا والقائمين عليه وقيادته العليا له ولسائر الأجهزة الأمنية وقياداتها أن يتأملوا مصائر من سبقوهم في قمع الشيوعيين وسائر الوطنيين، فمعظمهم انتهى نهاية مخزية على أيدي من وظّفوهم في مكافحة الشيوعية والشيوعيين.((فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى)).
شناشيل :من خليل كنة وفاضل البراك.. إلى جهاز مخابراتنا الحالي
نشر في: 28 فبراير, 2012: 10:50 م