TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن:"كهرمانة" المالكي

العمود الثامن:"كهرمانة" المالكي

نشر في: 28 فبراير, 2012: 11:20 م

 علي حسين وكأنها حالة من الإصرار والعناد على الفساد واللعب على المكشوف، حين تصر الحكومة على تحدي الناس بمكافأة عدد من وزرائها السابقين بمبالغ تصل إلى مئات الملايين، فيما الحكومة نفسها وبمنتهى القسوة تحرم فقراء العراق من ثرواتهم، ففي قرار يذكرنا بحكاية كهرمانة والأربعين حرامي حصل ما يقارب 40 وزيرا متقاعدا على تعويضات "فروقات" رواتب بواقع 3 ملايين دينار عن كل شهر، ومنذ عام 2006،
وبهذا يكون كل وزير قد حصل على مبلغ يقارب 200 مليون دينار، وبحسبة بسيطة يكون المبلغ الكلي للـ 40 وزيرا بلغ ثمانية مليارات، طبعا هذه المبالغ هي مجرد "خردة" حصلوا عليها بالإضافة الى رواتبهم الفلكية. وسواء كان المالكي هو صاحب القرار الفضيحة أم غيره، فإن القرار هو أسوأ إجراء يمكن أن يتخذه مسؤول أثناء فترة حكمه.قرار ظالم من هذا النوع يثبت أن الذين يقفون وراءه يديرون ظهورهم ويضربون عرض الحائط بكل تضحيات العراقيين التي قدموها من اجل الخلاص من سلطة القائد الذي يملك كل شيء وبيده كل شيء، وبعبارة أدق هو دليل قاطع بأننا ما نزال نعيش عصر صدام حيث توزع العطايا والمنح لغير مستحقيها. اليوم الحكومة تتعامل بالمنطق نفسه حين تقتطع كل هذه المليارات لتقدمها هدية لمسؤولين تعتقد أنهم ثروة وطنية ويتمتعون بمقدرات ومواهب فذة.كل يوم نفاجأ بقرار جديد فبعد فضيحة مصفحات النواب والبحث عن الـ50 مليارا في كوم الاموال الهائلة التي أهدرت، نجد من يعتقد أن العراق مجرد "هبة" هبطت عليه من السماء والواجب يحتم عليه أن يتقاسمها مع زملاء له، فيما الشعب بالنسبة إليهم مجرد أموات. لقد ابتلينا بسياسيين لا يحبون أحداً سوى أنفسهم.. ولا يؤمنون بشيء ولا يناصرون أحداً ولا يقولون ما يعتقدون.. المبدأ الوحيد الذي يؤمنون به بصدق هو مبدأ وحدي ومن بعدي الطوفان.. الوحيد الذي يخلصون في مناصرته هو ذاتهم.. وكل ما يقولونه أكاذيب، ولذلك يقولون مساءً عكس ما قالوه صباحا، بل أحيانا يقولون الشيء ونقيضه في الوقت ذاته.الناس اليوم أصبحت لا تصدق في أي شيء تقوله الحكومة لسبب واحد، أن الحكومة بجلالة قدرها عاجزة عن توفير الكهرباء ولو لمحافظة واحدة، عاجزة عن بناء مستشفى، عاجزة عن الوقوف في وجه قياصرة الفساد، الذين يجاهرون بمخالفة كل القوانين في كل لحظة.كيف لهم أن يصدقوا حكومة تقول للفاسدين واللصوص: سيروا وعين الله ترعاكم في غياب قوانين وتشريعات تحاسب الحكومة، يعاملنا السيد المالكي بوصفنا ضيوفا في بلده، لا ينبغي لنا أن نتدخل في أمور البيت وأصحابه، وأصبح علينا أن ندفع تكلفة أخطاء الحكومة، كما دفعنا تكلفة أخطاء حكومات سابقة دون جريرة أو ذنب.الناس تريد أن يدفع المالكي ومقربوه ووزراؤه ثمن فشل السنوات الماضية التي ضاعت من أعمارهم، الناس تريد أن تتوقف المشاهد التمثيلية للحكومة فقد مللنا أن نكون كومبارس في مسلسل طويل من الجرائم ابتداء بملف الكهرباء وانتهاء بملفات الأمن والصحة والتعليم والخدمات والحريات. للأسف الحكومة تصر في كل قرار تتخذه بان تقدم للعالم الدليل، على إننا نعيش زمن الفرهود العظيم، وان مصطلحات الشفافية والنزاهة لا تنفع في بلد غيبت فيه إرادة الناس. لقد ظل المواطن خلال السنوات الماضية يسمع كل يوم خطب المسؤولين الكبار وهم يعدونه بالرفاهية والازدهار ويصدرون له البيانات الرسمية حول ثمار التنمية القادمة ومنافع الزيادات في صادرات النفط التي ستعوضه عن بؤس وفقر العهود الماضية، لكن الواقع اثبت عكس ذلك فكلما زادت أموال العراق أطلقت أيدي السراق، لتكون النتيجة في النهاية زيادة في أعداد الفقراء وغيابا تاما للخدمات، وبلدا يصر مسؤوليه أن تكون "كهرمانة" ولصوصها أبطالا للمرحلة الحالية والمقبلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram