محمود النمراحتفت دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة بالنحات الراحل ميران السعدي احد ابرز نحاتينا المتخصصين في فن "البوتريه"، وأستاذ حرفي تتلمذ على يديه رعيل من الفنانين المبدعين، كان احد أعماله المهمة نصب "ساحة النسور" التي شكلت معلما حضاريا يميز العاصمة المدورة، فهذا النصب حفر عميقا في الذاكرة الجمعية ليس للبغداديين حسب، بل لجميع العراقيين من مختلف الأجيال، ذلك انه موضوع في مدخل مدينة بغداد الذي يوصل إلى الطريق العام لمدن الغرب والجنوب العراقي.
في بداية الحفل افتتح فوزي الاتروشي وكيل وزير الثقافة معرض الصور الخاص بالفنان السعدي الذي يوثق لمحطات من حياته الفنية. كان أول المتحدثين د. جمال العتابي مدير عام دائرة الفنون التشكيلية، الذي أشار إلى ان الموت لم يستطع أن يغيب السعدي بل منحه قدرة النمو والانتشار، وأكد أنها بداية التجديد، ويقينا ايضا أن هذا المنطق سيكون دوما منهجنا في البحث والاكتشاف، وقال العتابي في معرض حديثه عن السعدي، انه ينتمي الى الجيل المتمرد الباحث بقلق عن الشكل الرامز لطموحه في تحقيق شخصية تنسجم وروح العصر، تلفتُ الى كل الجهات، لقد جرد السعدي الأشكال من إيقاعها التقليدي واستعار الرموز ولم يبتعد عن منابت الأشياء الجميلة بإضافات مبدعة ملهمة، دون أن تفقد غنائيتها وتلقائيتها فجاءت الأفكار منسابة في أعمال الفنان المبدع، ولمّح َ العتابي لقد كان مثيرا للجدل وشكل صدمة للذائقة الكلاسيكية وهذا هو السر في ديمومة فن ميران.الفنان التشكيلي قاسم العزاوي الذي أدار الجلسة أشار الى اهمية هذا الفنان الذي حفر عميقا في مجال النحت والتشكيل، وقال إن الفنان عاش في فترة قلق أو ما يسمى بالموجة الصاخبة، وقد نجح في نصب النسور، وهذه الموضوعة التي بقيت داخل الرمز تمور داخل النصب من خلال الوجوه الملثمة التي تحيط بهذا النصب الجميل والمتحرك ديناميكيا، وحاول أن يرتقي بمقاربات من الفن التكعيبي من خلال عمله في تمثال عنترة الذي لاقى زوبعة في ذلك الحين.واستذكر زميله الفنان التشكيلي صادق ربيع بعض الذكريات في أيام الدراسة، أيام كانا يدرسان النحت في ايطاليا، التي كانت البدايات في معهد الفنون الجميلة في بغداد حيث كانوا مجموعة من الأصدقاء أمثال عيدان الشيخلي وإسماعيل فتاح الترك وفخري رشيد وعبد الكريم الوكيل وآخرين، وأشار ربيع الى ان أستاذ النحت كان النحّات جواد سليم، وعندما التقينا في ايطاليا أنا وميران ومحمد غني حكمت، حيث كنا مبهورين بالنصب الموجودة وهي عبارة عن متاحف مليئة بأعمال مايكل انجلو وكنيسة الفاتيكان وأعمال برليني وكانوفا، ووصف ربيع تلك بأنها مدينة نور بالنسبة إلى بغداد المدينة الهادئة.وتحدث الفنان التشكيلي سعد الطائي عن تاريخ مهم من سفر هؤلاء المبدعين الذين تشكلت منهم مرحلة مضيئة في النحت والتشكيل وبيّنَ: عندما رجعت من إيطاليا عام 1957 كانت الوجبة التي ذهبت إلى ايطاليا مازالوا في بغداد ومنهم الفنان صادق ربيع وإسماعيل فتاح الترك وميران السعدي وغازي السعودي، وأضاف الطائي: إن ميران نحت على الخشب منحوتات جميلة واشتغل بالبرونز، وقد بنى مصهرا في بيته الذي أدى به الى وعكات صحية، وقد نصحه الأطباء نقل المصهر من داخل البيت.وكانت هناك الكثير من المداخلات والشهادات من قبل الناقد حسب الله يحيى والأستاذ عبد الحميد سعيد و د. جاسم الصافي والناقد التشكيلي صلاح عباس.
في استذكار ميران السعدي..استعار الرموز ولم يبتعد عن منابت الأشياء
نشر في: 2 مارس, 2012: 06:48 م