إحسان شمران الياسري أمين بغداد، وأمين دبي وأمين عمان وبقية أمناء عواصم العالم، هم الجنود المجهولون في جعل هذهِ المدن جِناناً أو (حواضر للموتى). ومنذ فترة، ظهرت في تلفزيون دبي الرسمي عبارة تتكرر يومياً وتقول (دبي.. ماركة مسجلة).. ولم أفهم إلى الآن لماذا أطلقت هذهِ العبارة وهي تستخدم عادة للتعريف بسلعة أو مُنتج معين. وعادة، تُسجل العلامة في السجل التجاري ولا يجوز استخدامها على سلعة أو مُنتج آخر أو مُنتج مشابه..
فلماذا يجعلون دبي (ماركة مسجلة)؟.. وهل لهذا علاقة بخواصها التي أصبحت متفردة في كل شيء، وبالإبداع الكامن فيها ولدى المسؤولين عن إدارتها كمدينة وكإمارة.. وهل ثمة علاقة بين أمين دبي وبقية أمناء المدن التي ينظر أهلها بحسد بالغ لأهل دبي وهم ينعمون بثراء مدينتهم الثقافي والجغرافي والسياسي. أثمة مقاربة بين دبي (المدينة) وبغداد؟.. وهل تستوحش بغداد اسمها وحالها وأهلها أمام فتوة المدينة القابض البحرُ على حالها، كما يقبض معصم اللؤلؤ على عنق فاتنةٍ من أقاصي الصحراء؟.. وهل ثمة ما ينقص بغداد مما تعكزت عليه مدينة حديثة مثل دبي، فيما بغداد تأسست قبل أن يتشكل الخليج وإماراته (مع الاعتزاز بموروث دبي وبقية الإمارات).أين منّا مدينة مثل دبي، يقول عنها حاكمها الشيخ (محمد بن راشد آل مكتوم) إنها يجب أن تتحول الى (شركة)!!. ذلك إن المدينة يجب أن تدير نفسها بأكفأ صيغة.. صيغة الشركة.. وإن الحكومة يجب أن تتحول الى إدارة هذه الشركة.تخيلوا كيف يرى رئيس حكومة الإمارات العربية حال المدينة، ويعبّر عن قلقه من بقائها (مجرد) مدينة، بكل الثراء والعنفوان الذي تشهده المدينة والإمارة، ويريد لها أن تتحول الى (شركة) لتحريرها نهائيا من عيوب ومشاكل الإدارات التقليدية..دعونا نقف باحترام لرؤى حاكم دبي، ونقف بحزم ضد الممارسات والرؤى القاتلة للإدارات المتعاقبة لبغداد، أمانة وحكومة محلية.. ولنصفّق لأية مبادرات من شأنها أن توقف ذبح بغداد يوميا.. ومن لا يُصدق فليرى تلفزيون دبي وشوارع بغداد.لقد أصبح في حكم العبث، والثرثرة الفارغة أن نتحدث عن مقاربات بين أداء الناس في هذهِ المدينة وتلك.. بل صرنا نكرر تخفيض سقوف طموحاتنا حتى صرنا نريد طرقاً نسير عليها، بعد أن تقطعت هذهِ الطرق وحفرتها يد العمران الأعرج.. فصارت تحفر الشارع من المنتصف وتتركه، وتقلع الرصيف لتأتي بمقاول آخر يُعمّر ما خرّب صاحبه..دعونا من وطن يتداعى بأيدي أبنائه، فإذا جاء الفرج، وتحولت الأنظار الى استجوابات المقصرين والنائمين، جاءتنا عاصفة أخرى أودت بالاستجواب، وانتصرت للمستجوَب، فأخذنا وعداً آخر لا نعلم كم يستغرق من وجع المدن المنسية..
على هامش الصراحة :اللهم لا حسد
نشر في: 2 مارس, 2012: 11:39 م