TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: نهاية " الحل العربي"

أحاديث شفوية: نهاية " الحل العربي"

نشر في: 3 مارس, 2012: 12:00 ص

 احمد المهنا حتى عقد مضى كانت اسرائيل تفاخر أمام العالم بانها الوحيدة بين جيرانها التي تمتنع عن استخدام " الحل العربي" ضد خصومها أو أعدائها. و" الحل العربي" المقصود هو الإبادة الجماعية. ومع كل انتفاضة كان الفلسطينيون يشعلونها، كنا نغبطهم على هذه الإمكانية من ناحية، وكنا من الناحية الأخرى نشعر بالخجل لأن حكومات " الحل العربي" جعلت الإحتجاج العربي مستحيلا.
ولذلك كنا نحسد الفلسطينيين على حكم الإسرائيليين!وهذا مصير لم يكن ليتوقع مثله حتى رجل بخيال آينشتين. فهو، لحسن ظنه بقومه، لم يتصور امكانية نشوب نزاع عربي يهودي أصلا. كما أنه لم يذهب أبعد بالخيال الى درجة ان العرب يمكن ان يحسدوا اشقاءهم الفلسطينيين على الاستعمار اليهودي.وقد قال آينشتين يوما " لو أننا كيهود عجزنا عن ايجاد طريقة للتعاون الشريف مع العرب، فمعنى ذلك أننا فشلنا فشلا مطلقا في أن نتعلم شيئا من مكابدتنا العذاب لمدة ألفي عام".وجاء الفشل الذي لم يتوقعه مطلقا بالفعل.ولكن فشل " التعاون الشريف" بين الحكومات العربية وبين شعوبها تفوق على الفشل الإسرائيلي، وجاء الحل العربي أشد من طغيان إسرائيل. فقد قضى حافظ الأسد على عشرات ألوف المحتجين في حماه خلال أيام. وكان صدام حسين يسرح ويمرح بالحل العربي من الأهوار الى الجبال، وقد أفنى نحو ربع مليون لإيقاف انتفاضة آذار 1991 .وكان القذافي قد هيأ نفسه للحل نفسه. ذلك أنه لم يستوعب أن تغيرا جوهريا طرأ على العالم. فذهب ضحية هذا الجهل. أما بشار فإنه مع الحل نفسه " قلبا"، ولكنه استوعب تغير العالم " عقلا"، فصار يقسط الحل العربي تقسيطا: العشرات كل يوم.ما هو هذا " التغير الجوهري"؟إنه وسائط الإتصال الحديثة. فالصور والأنباء التي ترسل عبر الانترنيت والموبايل من موقع الحدث، وبث الفضائيات لها، نزعت من الحكام إمكانية إستخدام " الحل العربي". لأن العالم يرفض "رؤية" الإبادة الجماعية. قد يقبل " السماع" عنها، لأن " السمع" عن الجرائم ليس مباشرا، ولا يشكل دليلا قاطعا عليها. وحتى اذا تأكد حدوثها بعد السماع عنها، فإن ذلك يأتي بعد وقت من ارتكابها. وهي بمرور الوقت قد تبرد، وتتحول الى "قصة" واقعة فات الأوان على وقف تنفيذها. ولكن حقا " الشوف مو مثل الحكي"، لأن تأثير العين حي، مباشر، وفوري. وبنفس طريقة استقباله تأتي ردود الفعل عليه سريعة، حارة، وموجبة للتحرك الدولي المضاد. وبذلك فقد قضت وسائط الإتصالات الحديثة على " الحل العربي".وهكذا فإن ما لم تفعله أديان وفلسفات كبرى في قرون حققته التكنولوجيا في سنوات!ولربما يظل هذا الإنجاز ناقصا، لأنه صنع الخوف لدى الحكام العرب على مصائرهم من ارتكاب الإبادة الجماعية، ولم يخلق فيهم "حساسية انسانية" ضدها. الوقت مازال مبكرا على هذه الأخيرة! ولكن رغم هذا " النقص" فقد حدث تحول هائل. ذلك ان ما يستحيل العمل به يستحيل التفكير فيه. وهذا مكسب إنساني عظيم لم نتعب فيه وإنما فرضته علينا التكنولوجيا " المستوردة" فرضا. وبخصمها الإبادة الجماعية من حساب السياسة العربية، لم يعد ممكنا اعتبار التكنولوجيا مجرد آلات ومكائن خالية من الفكر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

مشاركة 25 ألف مركبة خاصة و350 باصاً في نقل الزائرين

660 ألف طفل في قطاع غزة لا يزالون خارج المدارس

وزير الخارجية: القوات الأمريكية ستبقى في العراق بظل إدارة ترامب الجديدة

إيران: استقالة المسؤولين الإسرائيليين دليل على هزيمتهم

اسعار النفط العراقي تهوي لما دون 80 دولارا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram