بابل / إقبال محمد تساءلت سوزان احمد عن جدوى الدراسة لأكثر من 16 سنة إذا كان مصير خريجي الكليات الجلوس في منازلهم، مؤكدة أنها قدمت لغاية الآن أكثر من عشرة طلبات تعيين في مختلف دوائر ومؤسسات الدولة والنتيجة أنها ما زالت عاطلة عن العمل.
سوزان احمد خريجة كلية العلوم، من محافظة بابل، قالت في حديثها لـ"المدى": أن شقيقتها هي الأخرى لم تحصل على وظيفة لغاية الآن، مضيفة "نحن نشكل عبئا كبيرا على ذوينا الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل أن نكمل دراستنا الجامعية، لكن النتيجة، كلتانا عاطلة عن العمل".وأضافت "بصراحة لا أمتلك مئات الدولارات لأدفعها ثمنا للتعيين في دوائر الدولة، ولا أسمح لنفسي بالتنازل لأحد والتملق له من أجل التعيين، كما أخجل من إضافة عبء مالي آخر على كاهل عائلتي".مجلس الخدمة الاتحاديوتابعت سوزان احمد بالقول: "سمعنا أن الموازنة الاتحادية للعام 2012 أقرت أكثر من 58 ألف درجة وظيفية، لذا اقترح على الحكومتين الاتحادية والمحلية تشكيل لجنة من كل محافظة تتولى أوامر التعيين برئاسة المحافظ أو رئيس المجلس المحلي لحين تشكيل مجلس الخدمة الاتحادي الذي تأخر كثيرا". وبينت أن هذه اللجنة إذا شكلت وقامت بواجبها الأخلاقي والإنساني بصورة عادلة فسوف تقضي على الفساد المالي والإداري ودفع الرشاوى والمحسوبية والمحاصصات الحزبية والطائفية، على حد قولها.حال سوزان لا يختلف عن آلاف الخريجين العاطلين عن العمل، الذين اضطروا إلى العمل في اختصاصات ومهن لا تمت بصلة لتخصصاتهم الدراسية ومؤهلاتهم العلمية.بكالوريوس بـ"البسطيات"سامر علي، خريج كلية الإدارة والاقتصاد، قال: "ماذا أفعل وأنا مقبل على الزواج، وتكاليف الزواج باهضة في الوقت الحاضر، لذا قمت بفتح (بسطية) لي في شارع المكتبات". وأشار في حديثه لـ"المدى"، إلى أنه قضى أربع سنوات في كلية الإدارة والاقتصاد "أدرس مواد الاقتصاد والمحاسبة والحاسوب والآن أنا أعمل في بيع الملابس". وأضاف ضاحكا "لا يهم فهذا جزء من اختصاصي". علي أكد أن "الوظائف الحكومية تشترى وتباع ولها سوق رائجة بالدولار أو ملايين الدنانير، ولها رجالها المختصون، أو عن طريق الكتل السياسية". ولفت إلى أنه وغيره "لقد سمعنا أن هناك قانونا لمجلس الخدمة الاتحادي وهو مختص بالتعيينات والوظائف الحكومية، وكان التعيين يتم عن طريقه بدون وساطات ولا أحزاب ولا دولارات ويأخذ كل صاحب حق حقه"، مشيرا إلى أن هذا المجلس كان موجودا لكنه ألغي في عهد النظام المباد.الزواج أفضلسمية ناجي قالت لـ"المدى"، أنها تخرجت من كلية الآداب على أمل أن تحصل على وظيفة لمساعدة عائلتها في حياتهم المعيشية "ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، منذ سنين وأنا أبحث عن وظيفة، أحمل ملفي كلما سمعت عن وجود درجات شاغرة ولم يسعفني الحظ حتى الآن". وأضافت : "التعيينات في عراقنا الجديد تقاس بالنفوذ والنقود وأنا والحمد لله ليس لي منهما شيء".ناجي ألمحت بالقول: "كل يوم أسأل نفسي، لماذا تعبنا ودرسنا وأتعبنا أهلنا معنا، وبالتالي نجلس بين أربعة حيطان إلى أن تأتي قسمتنا بالزواج، أهذا هو حلمي وأملي، لقد تعبت كثيرا وناضلت من أجل الدراسة والتخرج، لكن النهاية مؤسفة".وأكدت ناجي أن مجلس الخدمة الاتحادي سيكون له دور كبير في حل مشكلة الخريجين العاطلين عن العمل، لكنها اشترطت تشكيل لجنة أو عدة لجان من كل محافظة للإشراف ومتابعة التعيينات وتوزيع الدرجات الوظيفية بين المحافظات بعدالة.أجر يوميحلا أمجد خريجة كلية الهندسة، بينت في حديثها لـ"المدى"، أن الالتحاق بكلية الهندسة أُمنية تراود كل طالبة وطالب لكونها تأتي في المرتبة الثانية بعد كلية الطب من حيث الأهمية وامتيازات الطلبة.وأردفت "دخلت قسم الهندسة المدنية، وبعد دراسة أربع سنوات وسهر ومشاريع تخرجت، أنا من عائلة بسيطة محتاجة لمن يعيلها ،لذلك الوظيفة بالنسبة ليّ أمر مصيري". وبين أمجد "سابقا كان لخريجي الهندسة منزلة خاصة، يتم تعيينهم في جميع دوائر ومصانع العراق، أما الآن فقد تغير الوضع، إذ أنني أبحث عن فرصة عمل في جميع دوائر الدولة وبعد سنة من البحث وجدت عملا بأجر يومي قدره 12 ألف دينار، وطبعا تخصم منه أيام العطل الأسبوعية والمناسبات وغيرها".واختتم حديثه بالتساؤل، "أهذا هو مستقبلنا الذي كنا نتمناه، أن أعمل بأجور يومية وأنا مهندسة، متى تسنح لي فرصة تكوين مستقبلي ومساعدة عائلتي".الاستثمار هو الحلوبالرغم من تعدد الطروحات والأفكار التي تناولت أزمة البطالة وخاصة الخريجين العاطلين عن العمل، وسبل معالجتها، إلا أنها ما زالت مجرد أفكار لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع، وما زال حال الخريجين كما هو منذ سنوات.عضو مجلس محافظة بابل مازن عبد الكريم، أكد في حديثه لـ"المدى"، أن الحل الأمثل للقضاء على أزمة البطالة والخريجين العاطلين عن العمل هو تفعيل الاستثمار. وقال: "الاستثمار وإقامة المشاريع في
الخريجون في بابل.. من الجامعات إلى "البسطيات" والأجور اليومية

نشر في: 3 مارس, 2012: 09:46 م