TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :عن قلة الأدب (2)

سلاما ياعراق :عن قلة الأدب (2)

نشر في: 4 مارس, 2012: 09:31 م

 هاشم العقابي ظل صاحبي يضرب امثلة تلو اخرى عما حل بالبلاد من خراب أخلاقي في أيام صدام، ثم جر حسرة عميقة وسكت. لم يغن هذه المرة بل تركني وأخذ يتصفح هاتفه النقال. لاح على وجهه حزن لم اعهده به من قبل، الى ان انتبه فجأة وقال: اي شلونك؟ اجبته كي اخفف عنه: تنشدني عن اللون    مامش بعد لون واحد يخيط جروح    ميه اليفتكون
قلت له: ان صدام راح والاتحاد الوطني تفلش، و "العفاطات" انتهى دورهن بانتهاء الجيش الشعبي، فعلامك لا تعود؟ رد بسرعة: نعم ولّوا لكن الخراب بقي او صار أتعس. ثم فتح الرجل قلبه وصار يروي لي حكايات تجمعها ثيمة "قلة الادب" الذي لبس اثوابا جديدا بعد السقوط. صار يحدثني عن لهجة جديدة خالية مفزعة تتدوالها اجيال اليوم. مفردات يصعب علي فهم بعضها وان فهمتها احسها عديمة الحياء، فاتجنب ذكرها. مفردات بعضها يدور حتى على السنة الأطفال. اما حينما وصل الى شباب اليوم، ومفردات "تصجيمهم" للبنات، فقد شعرت، في لحظتها، اني بحاجة لمعدة حديدية تهضم ما اسمع دون ان اتقيأ. عادت بي الذاكرة الى ذلك الرجل الذي تحدث عنه الروائي فؤاد التكرلي بواحدة من رواياته، لا اتذكر اسمها. ارتسمت صورته امامي وهو بسيارته ينتظر امرأة كي "يصجمها". وعندما مرت بقربه استجمع كل ما به من شجاعة فقال لها: هاي شنو مخلية ريحة؟ ذكرت صاحبي بما خطر ببالي فقال لي: لا تتصور ان بقي لمثل هذا النوع من الناس بقية. قالها بطريقة افهمني بها ان نسل هذا النوع من العراقيين قد انقطع. وهنا استنتجت سبب تحريمه العودة للبلد، فقررت ان لا أساله عن ذلك ابدا.ولكي اخفف عنه وعني، اقترحت عليه ان نلوذ بشيء من الغناء ما دمنا بعيدين: "لا عين التشوف ولا قلب اليحترك". لكنه فاجأني بسؤال: أتحسب اني تخلصت من مصيبة "قلة الادب" حتى وانا في هذا المنفى؟ يفترض هكذا. رد: كلا يا صاحبي. فبفضل "نقمة" ثورة الانترنت والموبايل،  ابشرك ما خلصت. ناولني موبايله فقرأت به رسالة لاحدهم تهجم عليه وشتمه. انا اعرف المهاجم واعرف بانه اصغر من ان ينال من صاحبي، ذي التاريخ الاكاديمي والادبي الجليلين، بهذه البذاءة. وبينما انا حائر بماذا ارد، غنى صاحبي:السفيه يسبني ما يدري عليمن    وهمي بكل صبح زايد عليمنالبلمنّه كبــل عايش عليّ من    الماله بالحجي يحجي عليهسألته محذرا: وهل سترد عليه؟ قال: افه، فهل نسيت باني اوصيتك ان لا ترد على من يهاجمك على النت او ما شابهها، حتى لا يجروك الى مواقعهم، فكيف تتوقعني ان ارد؟اخرجت قلمي من جيبي وطلبت منه ورقة، فكتبت فيها بيتا من الابوذية. ناولته اياه وقلت له احتفظ به في حال ان ينقطع عندك شريان الصبر يوما ما. تناوله مني وغناه على الفور: موش احنه العلينه يكون ينعال    والناوي علينه بسكم ينعالهـذا انت صرتلي استاذ ينعـال؟    للبسك حتى لو ضيّك عليهعشت يا صاحبي، ولتسقط قلة الأدب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

مشاركة 25 ألف مركبة خاصة و350 باصاً في نقل الزائرين

660 ألف طفل في قطاع غزة لا يزالون خارج المدارس

وزير الخارجية: القوات الأمريكية ستبقى في العراق بظل إدارة ترامب الجديدة

إيران: استقالة المسؤولين الإسرائيليين دليل على هزيمتهم

اسعار النفط العراقي تهوي لما دون 80 دولارا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram