سلام خياط إذا كانت كل الفنون تصبو إلى الموسيقى..فإلى مَ تصبو الموسيقى؟ تصبو للكلمة الحرة المؤثرة، الجرح والبلسم ، الصرخة الهامسة ، التي يوازي مفعولها فعل السحر في النفوس والضمائر ، ويتسامى عليها ، لم تعد القراءة مقصورة على مجلة أو كتاب أو شريط أخبار . بل غدت حمًـالة أوجه ..
في القاموس العسكري قراءة ، في مدارس الرسم ،في علم الاجتماع وعلوم المال والاقتصاد ، في السياسة ثمة قراءة للأحداث ، التي تستشف الحدث ، سطحه وقراره ، من خبر عابر عنه ، من تكذيب لصحته ، من تعليق ، من تصريح او امتناع عن تصريح .. ولكن أصعب أنواع القراءة فن قراءة الصور . أعثر على صحيفة قديمة فوق أعلى رف في المكتبة المنزلية ، وتتملكني حمى استجلاء ملامحها : أعرف هذا المسجى المغدور وتعرفونه ، هذا المنكفي على وجهه في وضح النهار ، هذا المفجوع في يوم عيده ، لشد ما يبدو غريبا ووحيدا وكل من حوله يتخلى عنه ويلوذ بقشة للنجاة . لا أحد يمد له يدا لينهض، ، كأن لم يكن قبل دقائق الآمر الناهي ، مسموع الكلمة إن قال لا وإن قال نعم ،من يقايض هذا الصريع مثقال هواء بقنطار ذهب ، من يشتري منه جائزة نوبل للسلام بشهقة أوكسجين ؟ من يبتاع منه نياشينه وأوسمته ببضع دقائق حياة ريثما يكتب وصيته الأخيرة : لا تأتمن من لا يمحضك النصيحة ، لا تثق بمن يقول لك : بخ .. بخ ساعة تخطئ وساعة تصيب رحبة المنصة تضيق وتضيق ، تصير بحجم حبة خردل ، وتغدو كل الأشياء سرابا : الآمال ، الأماني ، الماضي الحاضر المستقبل .. سراب . الثروة ، الزوج ، الولد ، السلطة ، الصولجان ، ألأصدقاء الألداء ، الخصوم ، سراب. سراب .ذاك الذي غسله وكفنه ، لاحظ جرحا عميقا في شفته السفلى ، وخيطا من الدم ، قال لجاره : لقد عض على شفته ندما وحسرة ، أسفا إذ لم يحسن قراءة الواقع ، فما رأى الأفق الملتبس إلا من سقف مظلة الحماية وجدران منصة العرضات ، صور المنصة ، حيث تم اغتيال السادات ينبغي أن تدرس في الجامعات والمعاهد ، وتعرض على الساسة بين حين وحين ، لتكون عظة وعبرة ، ولكن ما أكثر العبر ، وأقل الاعتبار.. عجبي
السطور الأخيرة: فن قراءة الصور
نشر في: 4 مارس, 2012: 09:34 م