TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر :"النزاهة" والمالكي الذي لا يتعب

عالم آخر :"النزاهة" والمالكي الذي لا يتعب

نشر في: 4 مارس, 2012: 10:10 م

 سرمد الطائي هل تتذكرون المعركة النادرة التي خسرها نوري المالكي أمام البرلمان الخريف الماضي؟ لقد نجح البرلمان يومذاك في تمرير قانونين يسحبان من رئيس الحكومة صلاحية ترشيح رئيس هيئة النزاهة ورئيس ديوان الرقابة. اتصالات مكثفة بين الكرد والعراقية والمجلس الأعلى والصدريين وقفت بوجه محاولات المالكي للاستيلاء الكامل على ملف مكافحة الفساد والهدر، وجعلت صلاحية الترشيح لرئيسي المؤسستين المهمتين، من حصة البرلمان ولجانه القانونية والتدقيقية..
 يومها قلت ان "المالكي تعب" وخذلته الأفلاك في "لحظة نحس رئاسية" وجعلته يخسر معركتين في يوم واحد. لكن الاخبار الجديدة تقول ان الافلاك عادت "لتحرس" حظوظه في ملف النزاهة.النائب خالد العلواني مقرر لجنة النزاهة في البرلمان يقول ان المحكمة الاتحادية قامت وبطلب من رئيس الحكومة، بنقض تشريع البرلمان بهذا الخصوص. وأعادت القانون الى مجلس النواب طالبة ان يجري تعديله ومنح صلاحية ترشيح رئاسات المؤسستين الرقابيتين الأعلى، إلى رئيس الحكومة تحديدا.وهنا تؤكد لنا المحكمة الاتحادية انها لن تقف بوجه ما تريده الحكومة. وهنا ايضا يؤكد لنا المالكي انه لا يستسلم ابدا، فهو يعوض الخسارات المؤقتة بأرباح كثيرة، فلا يقتنع بالمعارك التي يكسبها وحسب، بل ويعود لكسب المعارك التي خسرها ايضا. فقد توعد حلفاؤه يومها بالذهاب الى المحكمة الاتحادية ونقض القانون الذي مرر بتحالف اغلبية النواب.قلنا يومها انه سينشغل بكسب معارك الانسحاب الامريكي وتوقف المظاهرات والتخلص من الهاشمي الى الابد ويتناسى بفضل ذلك رغبته العميقة في الاستيلاء على ملفات النزاهة ويتركها داخل حلبة البرلمان حيث تحكم التعددية السياسية وتنوع الاصوات ولعبة التوازنات التي لن يكون فيها المالكي ضعيفا بالمرة... لكن اتضح اليوم العكس.فرئيس الحكومة كما يبدو ليس من النوع الذي ينشغل بكل تلك "الانتصارات" عن ملف النزاهة المهم الذي يمكن ان يحدد ما اذا كان الانفاق الكبير للدولة صحيحا ام مخلوطا بالاخطاء الفادحة. انه رجل لم يتعود تقاسم النصر والهزيمة بينه وبين خصومه، ولا يقنع الا باستحصال كل النصر، ونقل كل الهزائم الى معسكر منافسيه.وليس من الواضح ما سيحصل في البرلمان اثر قرار المحكمة ارجاع القانون اليه، كي يكتب من جديد لصالح المالكي. لكن ما نفهمه ان كل الامور تصب في صالح رئيس الحكومة هذه الايام، وفي وسعه على الاقل ان يستحصل النقض تلو النقض من الاتحادية، الى الابد، دون ان يستسلم للبرلمان. وما الضير في بقاء القانون عالقا بين بغداد وبرلمانها طالما كانت هيئة النزاهة مجرد مكتب ملحق بمكتب رئيس الحكومة، وظلت الملفات المهولة والمرعبة، تحت تصرفه؟ان "فلسفة" المالكي في الحكم هي ان يحصل السلطان على كل شيء. وأن يوافق البرلمان على كل رغباته. وهذه "الفلسفة" حسب رأيه هي الكفيلة بخلق "الرجل القوي" القادر على انتشال العراق من لحظة الخراب الراهنة، الى مستقبل زاهر. انه يرأس الحكومة التي تفشل، ويريد ان يرأس الهيئات الرقابية التي تدقق في ذلك الفشل. فلسفة المالكي هي ان يصبح الخصم والحكم في لحظة واحدة، ليكتب هو مصائر النجاح والفشل، ويكون بين يديه كل المعلومات التي يمكن انتقاء ما يصلح منها لتعظيم دور هذا او "تدمير" كيان ذاك. حينها لن يكون مهما ان ينفق رئيس الحكومة 50 مليار دولار خارج الموازنة او داخلها. ولن يكون مهما ان ينقلب الفشل نجاحا والنجاح فشلا. فالرئيس وفق فلسفة المالكي هو "الخصم والحكم" بمشيئة المحكمة الاتحادية، وبالبرلمان الممزق والمشلول والمشغول بألف قضية ثانوية تتيح للسلطة ان تتكرس في مكان واحد، وفي قبضة رجل واحد. المالكي لا يتعب!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أوس الخفاجي: إيران سمحت باستهداف نصر الله وسقوط سوريا

عقوبات قانونية "مشددة" لمنع الاعتداء على الأطباء.. غياب الرادع يفاقم المآسي

مدير الكمارك السابق يخرج عن صمته: دخلاء على مهنة الصحافة يحاولون النيل مني

هزة أرضية جنوب أربيل

مسعود بارزاني يوجه رسالة إلى الحكومة السورية الجديدة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram