TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :طلفاح وزيراً للداخلية

العمود الثامن :طلفاح وزيراً للداخلية

نشر في: 4 مارس, 2012: 10:33 م

 علي حسين في العراق اليوم مسؤولون وسياسيون لا يريدون أن يقتنعوا بأن تغيّرا قد حصل وان تماثيل "قائد الحملة الإيمانية" قد أزالتها الدبابات الأميركية من الوجود، سياسيون يريدون منا أن ننظر إلى العالم من خلال عقولهم الضيقة، يتحدثون عن الديمقراطية من على شاشات الفضائية لكنهم في الخفاء يعيدون بناء جمهورية الاستبداد والخوف، يريدون أن يظل العراقيون مسلوبي الإرادة، يعيشون خائفين من الحكام، بالضبط مثلما كان يفعل جلاوزة صدام الذين أصروا على أن يجعلوا من الرعب زائرا مقيما لبيوت العراقيين.
بالأمس خرج علينا أشاوس مجالس المحافظات وهم يرطنون ويصرخون بتصريحات من عينة الحشمة، وإغلاق النوادي الاجتماعية، ومنع الغناء والموسيقى ليكتشف المواطن انه خاض تجربة انتخابية خاسرة. أتحدث عن هذا الموضوع وأمامي التحقيق الجريء الذي أعده الزميل وائل نعمة حول القرار الذي اتخذته جهات في وزارة الداخلية وبعض المجالس المحلية حول مطاردة الشباب بسبب زيّهم الذي يرتدونه أو لأنهم أطالوا شعر رأسهم. الأخبار التي تتناقلها المواقع الالكترونية والصحف تمثل خرقا فاضحا للدستور، فأنا لا افهم أن تترك الداخلية ملفات أمنية مهمة لتنشغل بقضية الأخلاق والقيم، فيما هي تعجز بكل كوادرها وأجهزتها من السيطرة على خروقات أمنية ينفذها الإرهابيون في وضح النهار وتحت سمع وبصر أجهزة الداخلية.  اليوم لم يعد المواطن يصدق شعارات الدولة المدنية، كيف تكون الدولة مدنية وفي دوائرها ومؤسساتها الرئيسية قوى سياسية تريد فرض تعليماتها ولو بالترهيب،؟ لقد عانت مناطق عديدة من العراق من سيطرة الجماعات الارهابية التي كانت تثير الرعب عند الناس لكنهم لم يكونوا يتوقعون أن التشدد يمكن أن يأتيهم هذه المرة من أجهزة حكومية وقوى سياسية يفترض أنها تحرس الديمقراطية وتصون حرية المجتمع. كنت أتمنى أن يخرج علينا القائد العام للقوات المسلحة ومعه المسؤولون في وزارة الداخلية ويقولوا لنا كيف استطاع الإرهابيون أن يفجروا 28 مفخخة في يوم واحد فقط، كنت أتمنى أن يخبرنا حماة الفضيلة لماذا سكتوا على فضيحة سرقة المال العام في صفقة جهاز الكشف عن المتفجرات والمفخخات الذي اثبت عدم صلاحيته. الحملة التي تقوم بها وزارة الداخلية والتي استنسخت فيها تعاليم خير الله طلفاح تثبت بالدليل القاطع إن حكومتنا الرشيدة لا تؤمن بالدولة المدنية، وان أمنية القائمين على حكمنا هي أن يظل الشعب خائفا مرعوبا أسير احتياجاته، وإذا أرادت الناس ان تقوم بعمل ما فعليها أن تخبر الحكومة اولا، باختصار ان الوظيفة الوحيدة التي يراها المسؤولون لهذا الشعب هي ان يتحول إلى مجرد تابع.من حق أجهزة الحكومة ان تمارس دورها في حماية الناس، ولكن ليس من حقها ان تنصّب نفسها مسؤولة عن أخلاق الناس وسلوكهم الاجتماعي وملبسهم ومأكلهم، من المعيب ان يخرج مسؤول حكومي في القرن الواحد والعشرين وفي بلد يتشدق ساسته بالديمقراطية وحرية الشعوب ليقول لنا إنهم يطاردون جماعات "مصاصي الدماء" في بغداد، ومن المخجل والمثير للقرف ان نطارد شبابا بعمر الورد بحجج أخلاقية واهية فيما هم يتعرضون لظلم كبير بسبب البطالة والانتهازية والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص والاستحواذ الذي تمارسه الكتل السياسية على كل منافذ الحياة في العراق. أدرك الغربيون بعد تاريخ دموي حافل، وبعد حروب بلا حصر، واضطهاد ديني من فئات لأخرى، ومذاهب سياسية شمولية سحقت الفرد وكرامته وحياته سحقا، أدركوا أن لا ملاذ للناس إلا في ظل سيادة القانون واحترام الفرد وحرية الفكر والقول والعقيدة للناس.للأسف فات القائمين على وزارة الداخلية أن يدركوا جيدا أن الاستبداد لا يصنع الحاضر ولا المستقبل.. والشعارات الفارغة لا تكفي لمواجهة المشاكل الآنية.. وفاتهم ان زمن "طلفاح" ولى والدنيا تغيرت كثيراً عن أيام صدام، وان العراقيين بإمكانهم أن يضعوا حدا للعبث الحكومي والمزايدة على قيم الحرية والتجاوز باسم القانون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أوس الخفاجي: إيران سمحت باستهداف نصر الله وسقوط سوريا

عقوبات قانونية "مشددة" لمنع الاعتداء على الأطباء.. غياب الرادع يفاقم المآسي

مدير الكمارك السابق يخرج عن صمته: دخلاء على مهنة الصحافة يحاولون النيل مني

هزة أرضية جنوب أربيل

مسعود بارزاني يوجه رسالة إلى الحكومة السورية الجديدة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram