TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات: فـي معنى حرية المرأة

كردستانيات: فـي معنى حرية المرأة

نشر في: 5 مارس, 2012: 09:46 م

 وديع غزواناعتدنا أن نحتفل في الثامن من آذار من كل عام بعيد المرأة  في العرق ككل ومن ضمنه كردستان باحتفالات يجري فيها تكريم المتميزات منهن في الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى وإلقاء الكلمات الجميلة عن تضحياتها ودورها في المجتمع  وضرورة تفعيل القوانين لإنصافها ،
وقد يبادر بعضهم إلى تقديم هدايا للأم أو الزوجة أو الحبيبة بهذه المناسبة ، غير أن السؤال الذي يبقى يشغل بال كل امرأة  في محيطنا هو كم تقدمنا فعلاً  كمجتمع في النظرة إلى هذه الإنسانة التي شاركتنا وتشاركنا حياتنا وتتحمل أعباء مضافة في المسؤولية لكي نتفرغ نحن لقضايانا الأخرى ؟ كلنا يتحدث  في مجالسنا العامة بإجابية عن المرأة ،مسؤولين ومواطنين على حد سواء، غير أن عدداً ليس بالقليل ما زال يحمل بإرادته أو دون أن يشعر في قرارة نفسه شيئاً من تلك الثقافة التي تجعل منه صورة مستنسخة عن " سي سيد " بطل مسلسلات بين القصرين والسكرية . وكثيرة نماذج هذا الازدواج المريع بالشخصية التي يتعامل بها الرجل مع المرأة بما يشبه عملية التنويم الاجتماعي كما يسميها الدكتور علي الوردي ،فالمرأة هي التابع سواء كانت في البرلمان أو وزيرة أو في أي مكان آخر حتى في وسائل الإعلام أحيانا التي يفترض أنها تضم نخباً مثقفة وواعية نسبياً ، والأشد ألما والأسوأ أنها " العورة " والغواية التي يجب أن تحسب لخطواتها ألف حساب لأنها إذا ما ضحكت أو تحدثت  "بميانة  "  مع  الرجل كما يقول المثل فإن هذا يعني الخطيئة التي يجب أن تتحمل عواقبها وحدها دون سواها ، أما الرجل الذي توسوس له مخيلته المريضة أشياء لاعلاقة لها بالواقع ويتوهم أن المرأة مهما كان عمرها  ،فتاة في مقتبل العمر أو جاوزت الأربعين ، أحبته ووقعت في غرامه لمجرد أنها ابتسمت أو تجاذبت معه أطراف الحديث بحرية وجرأة تنم عن وعي وثقافة . قد يجرنا هذا إلى تأكيد حقيقة طالما نادت بها التيارات الديمقراطية وبالأخص اليسارية منها ربطت موضوع مساواة المرأة وحريتها بحرية المجتمع ككل، حيث لا يمكن أن نتصور تحقيق هذا الهدف النبيل والسامي بمعزل عن إيمان حقيقي بالديمقراطية المفضية إلى عدالة ورفاهية  المجتمع وتحسين مستوى الخدمات وبالتالي تطور وعي المواطن .  علينا التفريق بين المعنى  الحقيقي لحرية المرأة المرتبط بالنظرة المجتمعية لها والإيمان الفعلي بمساواتها ، وبين المطالب بمنحها وظائف أو مقاعد برلمانية ووزارية وسواها بطريقة الـ " الكوتا " وكأنها منّة وليست استحقاقا ، فقضية مثل تحرير المرأة تتعدى القوانين إلى سلوكيات وممارسات تنم عن عقلية متخلفة ليس بالنسبة للمرأة فحسب بل للحياة ومحاولة تقييدها بتعاليم لا تمت بصلة لروح الدين وجوهره  الذي كرّمها .ومن المناسب الإشارة هنا إلى أن التقدم المادي في المجتمعات المتقدمة لا يعني بالضرورة إحراز تطور في النظرة إلى المرأة التي قد تعاني أنواعاً أخرى من العنف تختلف عما في مجتمعاتنا ،  ما يعزز أهمية عدّ تحرير المرأة جزءاً من تحرر المجتمع ككل لأن مجرد الفصل بين الاثنين يسيء إلى تاريخها ونضالها وتضحياتها . الموضوع مهم ومعقّد يتطلب أن نحوّل الاحتفالات بالمرأة إلى مناسبة نعترف فيها بدكتاتوريتنا إزاءها ،والأمثلة على ذلك موجودة في داخل كل واحد منا !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أوس الخفاجي: إيران سمحت باستهداف نصر الله وسقوط سوريا

عقوبات قانونية "مشددة" لمنع الاعتداء على الأطباء.. غياب الرادع يفاقم المآسي

مدير الكمارك السابق يخرج عن صمته: دخلاء على مهنة الصحافة يحاولون النيل مني

هزة أرضية جنوب أربيل

مسعود بارزاني يوجه رسالة إلى الحكومة السورية الجديدة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram