اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الفكر يحتضن الحقيقة

الفكر يحتضن الحقيقة

نشر في: 6 مارس, 2012: 07:58 م

رياض عبد الواحد قراءة وتأويل لقصيدة (افتح الباب لترى الحقيقة)النصافتحِ البابَ لترى الحقيقةافتحِ البابَ لترى الحقيقةَ؛
الحقيقةُ مأهولةٌ بالتَراجِمِفإذا ما أصغيتَ إلى نفسِكَكنتَ إلى لسانِ الغرباءِ تُصغيوبكلماتهم تتكلم.هذا لأنكَ لمْ تعدْلأنّ أولئك الذين أخذوكَ منكَ لم يأتوا بكَ إليكَ بعدُ؛وحتى حين فتحتَ فمَكَ وقلتَ الحقيقةَلم تقلْ،كانوا هم القائلينَ.لأنهم منذ القديمِ استودعوكَ الهمسَ والصرخةَحتى ظننتَ أنه همسُك وصرختُكوهاهم قادمون.الذين أعاروك لسانهمجاءوا ليستردّوه.افتحْ لهم البابْ.تحليل النصيمتاز أحمد عبد الحسين بلغة شعرية تتحرك في حيز ما بعدي، بمعنى ان لغته تتمظهر في منطقة خارج نطاق الخطاب نفسه، لهذا لا يظهر القصد المبيت جلياً وبسرعة بل يحتاج الى فحص دقيق لأنه جارٍ في حقل ذهني يبحث فيما يتبدى من سرّ الأشياء ومحاولة الإيحاء بها من طرف خفي. ولعل قصيدته آنفاً تذهب في هذا الاتجاه. تتكون العنونة من جملتين فعليتين؛ الأولى متكونة من ( فعل + فاعل مستتر + مفعول به). ويتضح من العنونة وجود حقيقتين؛ حقيقة متشكلة ما قبل الباب، وأخرى متشكلة ما بعد الباب. والباب – هنا – هو الحد الفاصل بين الحقيقتين وأبعادهما.إن معنى الحقيقة المتشكلة ما قبل الباب تعتمد في ما تؤول إليه على معيار المتحصلات الواقعية، بمعنى أنها الوجود القابل للإدراك الحسي المباشر. أما الحقيقة الكامنة ما بعد الباب فهي الحقيقة الأنطولوجية الفاعلة في الجوهر وما يقابله من صورة.تبدأ القصيدة بالجملة / العنوان نفسه، وهي جملة أمرية جاءت كما نظن للالتماس كون الأمر المستعمل واقعاً بين شخصيتين متساويتين في المرتبة، أو بين الشخصية وظلها، ولا يوجد في هذا النوع من الأمر استعلاء بل جاء الأمر على سبيل الترفق والتلطف.ويتضح منذ البداية التغييب المتعمد للشخصيتين الرئيسيتين: الآمر بالأمر والمأمور . هذا التعتيم أعطى للعملية السردية زخماً كبيراً من أجل أن تأخذ البؤرة الرئيسة كامل مداها وأبعادها التي تستحقّ.إن عملية فتح الباب ليست عملاً روتينياً، أو ميكانيكياً بل أنها عمل يستلهم الانفتاح على المدركات الحسية خارج ما هو كائن لأننا لن نعرف شيئاً عن الشخصية المأمورة إلا إنها مأخوذة من قبل قوى مغيبة بيد إنها فاعلة. لأن الباب هو عتبة للدخول إلى عالم ثان بعد حصول عملية الفتح، الدخول إلى عالم غير العالم الموجود ما قبل الباب. فالحقيقة تكمن في العالم الذي يمتلك سمات أخرى قد غيّبها البابُ كشيء رؤيوي. فالحقيقة الواقعة بعد الباب هي الحقيقة الانطولوجية كما أسلفنا لأنها واقعة خلف المدركات الحسية. إنها هنا تفارق العالم الحسي وتدرك بفائض الرؤية.يبدأ السطر الثلث بانعطافة نحو مكنونات الذات الثانية، ويضع أمامها مجموعة من الحكميات الحياتية، أي بما مستقى من التجربة الشخصية للذات الآمرة. هذه الانعطافة أدت معنى كامناً فيها كونها مجموعة من الإرهاصات النفسية الضاغطة كما أنها أفضت الى عملية كشف داخلي إزاء الذات الأخرى.هذه المعلومة عن الشخصية الثانية ليست معلومة يقينية بل تقع ضمن ما هو حدسي بدليل أن الجملة بدأت بظرف شرطي غير جازم \ إذا \ أداة لما يستقبل من الزمان ، وقد يكون استعمالها (فيما عُلم انه كان) بحسب الجرجاني. إذن فعملية الإصغاء غير متحققة في الأصل بيد أن السارد العليم يحاول أن يقطع الطريق على الآخر بالأحكام القطعية المستلّة من التجربة الحياتية والتي هي في عرفه بحكم البرهان القاطع. وإذن لا تكمن قيمة الإصغاء في فعلها كإصغاء بل تتجاوزه الى عملية استلاب تام ، ولهذا قلنا في احتمال ان تكون الشخصية منشطرة على نفسها أو على ما يطلق عليه علماء النفس بالإسقاط او الإلصاق projection ، إذ ينسب الإنسان في هذا الأمر أفكاره ورغباته الى إنسان آخر . إنه نوع من تحقيق الرغبات لكن بنحو غير مباشر.إن النفس – هنا - هي الغطاء الثقيل الذي يمنع عملية الانفلات الى أفق نفسي أرحب بل إنها الفاعلة في إخراس تلك الذات وذوبانها في الآخر \ الغريب \ الذي يسلبها كل شيء بل وأهم الأشياء ألا وهو لسانها ، لغتها ، الحد الفاصل لآدميتها.في السطر السادس تبدأ الغربة الروحية بعد الاستلاب الحاصل لها من تلك القوى المغيبة \ انك لم تعدْ \ .العودة – هنا – أيضاً عودة غير حقيقية، انها الغربة الروحية التي سلبها الآخر والتي أهم مقوماتها \ اللسان \ اللغة \ . فعملية إعادة الذات إلى منابتها الأولى لم تتحقق ونتيجة لذلك بقيت الشخصية الثانية، أو الشخصية المنشطرة عن الشخصية الرئيسة في استلاب كامل.في السطر التاسع تسعى القصيدة الى إضفاء التسويغ المنطقي لعملية الاستلاب، إذ أن الحقيقة المفوّه عنها من قبل الشخصية الثانية أو المنشطرة هي مجرد شهادة شاهد عما رآه وسمعه من دون أن تؤثر تلك الشهادة في مجريات الحدث، هو قلب الحقائق باتجاه مغاير، لذلك بقيت حقيقة في مضمار التصور التقليدي لها .الحقيقة - هنا – استنساخ ميكانيكي للأشياء، لهذا لم تكن مؤ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طلب 25 مليونا لغلق قضية متهم بالمخدرات.. النزاهة تضبط منتحل صفة بـ"موقع حساس"

أسعار صرف الدولار في العراق

محاولات حكومية لانتشال الصناعة العراقية من الاستيراد.. هل ينجح الدعم المحلي؟

اكتشاف مقابر جماعية جديدة في الأنبار تفضح فظائع داعش بحق الأبرياء

فوائد "مذهلة" لممارسة اليوغا خلال الحمل

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram