علي الحسينيقبل أيام قليلة، انتهت فعاليات الملتقى الثاني لقصيدة النثر في البصرة، الدورة التي حملت، وبمفارقة عجيبة اسم رائد الشعر الحديث (بدر شاكر السياب)، دون أن نعرف كيف ولماذا (السياب) في فعالية تختص بقصيدة النثر!!. وبالرغم من إن أجواء (الملتقى) اقل ارتباكاً من أجواء مهرجان المربد، وأحسن تنظيماً منه. لكن ثمة أخطاء هائلة، ومعيبة نشعر إزاها بدوار واختناق.
عشرات الشعراء اعتلوا المنصة، بعضهم من له مع (الشعر) عشرات السنين، لكنهم لم يقرؤوا لنا شعراً! كان أشعرهم قد قرأ مقالات بنية الشعر، بل أكثر سوءاً، كانت (النصوص) عبارة عن كلمات متقاطعة، وخلطة عجيبة من المفردات المتنافرة، والتراكيب اللغوية المتناشزة. بالإضافة إلى كل ذلك، الجزر المرعب للغة العربية وقواعدها. حروف جر لا تجر عند شعراء!!، وأفعال لا ترفع ولا تنصب عند آخرين!، وهلّم جرا من مجازر لغوية مخجلة.أقول، بصراحة مطلقة، إن بعض النصوص المقروءة تمثل إهانة لقصيدة النثر، واستخفافا بالمتلقين الحاضرين، وتنمّ عن غياب ذوق جمالي وأدبي عند أصحابها.وهنا اسأل كيف يتكرر السماح - من قبل القائمين على الملتقى- لتلك النصوص بالمرور، بالرغم من امتلائها بالأخطاء، والعيوب، وفقدانها للقوالب التقليدية في كتابة قصيدة النثر.لماذا لا تعمل الملتقيات، ومنها ملتقى قصيدة النثر على تشكيل لجنة لفحص النصوص. تضم أسماء معروفة بكفاءتها ومهنيتها للتأكد( فقط) من سلامتها اللغوية، وتوفرها على الشروط العامة في كتابة القصيدة. هذه ليست دعوة لفحص (شعرية) النصوص أو الرقابة عليها، بل للحد من الابتذال اللغوي، والمزاجية المنفلتة التي ينجم عنها عدم احترام الحقل الإبداعي.للأسف كانت المنصة متاحة لمن هبّ ودبّ من (الشعراء).ملاحظة أخرى تنم عن عدم ايلاء أهمية كبيرة من قبل بعض الشعراء لهذا الملتقى. حيث قرأ أكثر من شاعر قصيدة أو قصائد من دواوينهم المنشورة! كيف يُسمح بذلك؟ أليس من المفترض إننا إزاء ملتقى يعمل على تقديم نصوص (غير عتيقة) كحد اقل؟ وإلّا ما قيمة الملتقى إذن؟ أليس من المفترض أن تصّر اللجنة المنظِمة على ضرورة قراءة نصوص غير منشورة. كما هو التقليد السائد والشائع وسط الملتقيات والمهرجانات المختصة. وعلى مستوى الشعر-أيضا- لم يستطع الملتقى الثاني لقصيدة النثر أن يقدم لنا شعراء أو نصوصا مهمة إلّا على نحو محدود ومحدود جدا. بل كشف للأسف عن أنيميا شعرية أصابت شعراء مهمين في قصيدة النثر عبر نصوصهم التي قرؤوها.أجمل ما في هذا الملتقى- وسواه أيضا- هوامشه التي تمثلت بعرض فيلم (الخبز الحافي) للمخرج الجزائري (رشيد بن حاج). والعزف المنفرد على آلة العود الذي قدمه الشاب الواعد (علي عيسى).
ما الذي يحدث بالضبط؟!
نشر في: 6 مارس, 2012: 07:59 م