علي حسين سأصدق أن نوابنا الأعزاء المساكين قد غرر بهم وتورطوا في قضية المصفحات التي رفعوا أيديهم للتصويت عليها، ظنا منهم أنها زيادة في رواتب المتقاعدين أو منح لضحايا الإرهاب، وسأعتبر أن النواب ظنوا -وحسن الظن من حسن العبادة- إن الفقرة التي خصصت لشراء المصفحات كانت لبناء مساكن للعراقيين، وسأسلم أمري إلى الله واصدق بأن معظم نوابنا الأشاوس سمعوا مثل باقي العراقيين بفضيحة المصفحات من خلال الفضائيات والإعلام المشاغب.
والأمر ذاته سأفعله مع رئيس البرلمان أسامة النجيفي وأفترض أنه لم يعلم شيئا عن هذه القضية وأن فضيحة المصفحات صدمته ولهذا سارع فأصدر بيانا يرجو ويتوسل النواب أن يتركوا المصفحات لأهلها. وسأمارس معهم أقصى درجات البلاهة واسأل سؤالا ساذجا، إذا كنتم جميعا ترفضون المصفحات وخرجتم علينا تشتمون "راكبها وسائقها ومقتنيها"، فمن هم النواب الـ200 الذين رفعوا أياديهم الكريمة للتصويت عليها، أخشى أن تخرج علينا النائبة عالية نصيف فتقول إن الذين صوتوا ينتمون إلى طائفة "الإيمو" ولا علاقة للبرلمان بهم فحق اليوم قتلهم بـ"بلوكات" مجلس النواب، وأكثر ما أخشاه أن يخرج علينا النائب حسين الأسدي ببيان يتهم الامبريالية الأميركية بأنها تقف وراء هذه الفضيحة، لأنها لا تريد للتجربة العراقية أن تبث إشعاعها النير على المنطقة.ولان الناس تعرف جيدا إن ما حصل في مجلس النواب هو جزء من كوميديا تتواصل فصولها ومشاهدها كل يوم، فلم يكن غريبا عليهم ان تصل مشاهدها الهزلية إلى قمة الإثارة والتشويق حين يخرج احد النواب ليطلب منا نحن المغلوبين على أمرنا أن نكشف عمّا بذمتنا من مصفحات. فقد أتحفنا النائب سامي العسكري بتصريح يعد قمة في الكوميدية الارتجالية حين قال انه "اقترح ثلاثة حلول لحل أزمة المصفحات، الأول يقضي بأن يضع البرلمان قائمة بأسماء الذين يريدون الحصول على سيارات مصفحة فضلاً عن الذين لا يريدونها، والثاني يقضي بأن تنشر هيئة رئاسة البرلمان أسماء النواب الذين يملكون سيارات مصفحة،-طبعا نتمنى ألا نجد اسم العسكري ضمن هذه الأسماء رغم إن معلوماتنا تقول إن السيد النائب كان سباقا في شراء مصفحة-، أما الثالث فهو مطالبة الحكومة بإصدار لائحة بأسماء الذين يملكون سيارات مصفحة سواء كانت الحكومة أم حتى المواطنين. هكذا تصل الكوميديا إلى اقصى درجات الضحك حين نطلب من الناس أن تكشف عن ممتلكاتها الشخصية، ولكي تكتمل فصول المسرحية فأنني اطلب من السيد العسكري أن يضيف فقرة رابعة لمقترحاته تتلخص بأن يكشف جميع النواب والمسؤولين عن ذممهم المالية، وماذا كانوا يملكون قبل أن يجلسوا على كراسي البرلمان او على مقاعد الوزارة، ومن أين حصلوا على الاموال التي أتاحت لهم اقتناء الفلل في دبي والشقق الفخمة في لندن؟، وما هي المشاريع التي استحوذوا عليها وما هي العمولات التي دخلت في جيوبهم؟، والاهم من أين حصل البعض منهم على المصفحات؟ أتساءل احيانا ما الذي يجعل بعض النواب يواصلون لعب ادوار في عرض هزيل شديد الإسفاف؟ لقد اعتقدت الناس أن نوابهم الأجلاء سوف يحسبون حسابا لمعاناتهم وتضحياتهم في الحقبة الدكتاتورية، لكن المصيبة ان السادة أعضاء البرلمان يتعاملون مع العراقيين على أنهم شعب من السذج والبلهاء ولهذا اعدوا لهم كل يوم فقرة كوميدية تلهيهم وتشغلهم عمّا يدور في كواليس الساسة. تصريحات بعض النواب تثبت لنا إن البرلمان الذي أراده العراقيون ممثلا لآمالهم وطموحاتهم أصبح اليوم عبارة عن مجلس شديد العبثية يصر أعضاء فيه أن يجعلوا من قاعته مجرد مسرح هزلي باتت فقرات العرض فيه محفوظة، الناس اليوم تعيش مع ساسة كلما تقدم العالم خطوة باتجاه المستقبل، يتخلفون مئات الخطوات. وقديما قال عمنا الرصافي "لا خير في مجلس امة لا يحترم عقول أبناء وطنه".
العمود الثامن:سامي العسكري.. من أين لكم هذا؟
نشر في: 6 مارس, 2012: 11:18 م