TOP

جريدة المدى > الصفحة الأولى > الافتتاحية:محكمةالتمييزالاتحاديةأمام البرلمان:ضياعٌ في تحديدالأولويات.وتخلفٌ في حسمها

الافتتاحية:محكمةالتمييزالاتحاديةأمام البرلمان:ضياعٌ في تحديدالأولويات.وتخلفٌ في حسمها

نشر في: 6 مارس, 2012: 11:20 م

فخري كريم تعتمد الدول الديمقراطية وحكوماتها في ترشيد سلوكها وسياساتها وتوجهاتها الإستراتيجية على رقابة الرأي العام عبر استفتاءاتٍ تتناول " عيناتٍ " من تطبيقاتها الحكومية، بالإضافة إلى الرقابة البرلمانية الحازمة.وفي تلك الديمقراطيات فإنه رغم تشكيل الحكومة من الأكثرية البرلمانية او أية صيغة سياسية يجري الاعتماد عليها، فإن "التداخل الحزبي" بين البرلمان والحكومة سرعان ما ينتهي مع إقرار البرنامج الحكومي والتصويت على التشكيلة الحكومية،
 وتغدو الحكومة مجتمعة أو بكل عضوٍ فيها موضع مساءلةٍ ورقابةٍ برلمانية. والبرلمانيون يضعون نصب أعينهم تزكية أدائهم أمام ناخبيهم وتبرئة ذمة أحزابهم وحركاتهم وهم يراقبون سلوك والتزام الوزراء المحسوبين على أحزابهم قبل غيرهم من الوزراء، ويخضعونهم لمساءلتين : أمام البرلمان اولاً وفي إطار المسؤولية الحزبية ثانياً.البرلمان نفسه، ومعه الحكومة، يُلاحَقان بالمساءلة من قبل الرأي العام بكل الوسائل العلنية المتاحة، وفي وسائل السلطة الرابعة، الصحافة والإعلام. وحين تتدنى أرصدة الحكومة من خلال القنوات المذكورة وتتخذ صيغ فضائح سياسية وانتهاكات دستورية، لا تتردد الحكومة عن الاستقالة دون ان تتساءل عن " نسبة " الناقمين او الرافضين للأداء الحكومي او المطالبين بتنحيتها، لان الأطراف الحكومية الحزبية سواء أكانت حزب اغلبية ام ائتلافاً حزبيا، تأخذ  بنظر الاعتبار صدقيتها امام جمهور الناخبين العريض وليس الكتلة الحزبية الموالية لها، وذلك لانها تفكر في مستقبل حياتها السياسية معتبرة الرضوخ للإرادة العامة تأكيداً على استعدادها لتصحيح أخطائها وتحسين أدائها في المراحل اللاحقة. وهي في هذا النهج لا تتوقف عند خسارة ممثليها في الحكومة او انزعاجهم من التضحية بهم .وفي توصيف حالتنا، حكومياً وبرلمانياً، نبدو أبعد ما نكون عن هذا المسار الذي يميز الأنظمة الديمقراطية، بل وليس في المشهد السياسي الراهن ما يفتح الأفق أمام التحول في اتجاه اعتماد ذلك النهج المعتاد في الديمقراطيات. ان التداخل والاشتباك بين البرلمان والحكومة ليس وحده ما يشوه أداءهما، بل ان إرادتهما لا تنفصل عن إرادة وهيمنة قادة الكتل السياسية التي لا يمكن إمرار أي قرار دون موافقتها " بالتوافق " او بغير ذلك، مما يحول دون اي إصلاح او تغيير بسبب التعطيل الفعلي لإرادة أعضاء البرلمان المجردين " واقعيا " من فعل الإرادة بل الاكتفاء بـ " التصويت "  الشكلي تنفيذا لإرادة القادة .هذا هو السياق الذي تُدار به العملية السياسية من قبل الأحزاب وقادة الكتل والطوائف.فالمهم ليس مشيئة الرأي العام وإرادة الناخبين، بل إن هذه القوى لا تأخذ بالاعتبار حتى مصالحها الحزبية الضيقة ، عندما تنحاز الى ممثليها في الحكومة او البرلمان ضاربة عرض الحائط التقييمات التي تنال من سمعتهم وادعائهم كما هو الحال في الموقف من حكومتنا الرشيدة والأداء البرلماني للعديد من أعضائها والمتنفذين في البرلمان .ان الاستخفاف بالرقابة بكل أدواتها وتجلياتها، لا ينعكس على رصيد " ممثلي الشعب " ومرجعياتهم ، وإنما يُعرّضُ المصالح العامة ، حتى أكثرها حساسيةً وأهمية للضياع في ظل التجاذبات والصراعات على المصالح والمواقع والامتيازات الفئوية الضيقة، والتضحية بالأولويات الضرورية تبعا لذلك . ويمكن إيراد العشرات من القضايا العقدية ومشاريع القوانين التي " تنام " في ملفات رئاسة البرلمان دون إدراجها في جدول أعمال البرلمان، لتعذر التوافق عليها ، او وضعها في الهامش من جداول عمل المجلس لتظل في حالة عرض شبه دائم بانتظار الفرج .لكن ما يستحق الإشارة في هذا السياق ، يتعلق بقوام محكمة التمييز الاتحادية ، والتي تعتبر احد المفاصل البالغة الأهمية في السلطة القضائية ورأس الهرم فيها . فهذه المحكمة كما هو معروف معنية بتدقيق جميع الأحكام والقرارات التي تصدر من جميع المحاكم في العراق باستثناء إقليم كردستان الذي تتولى هذه الشؤون فيه محكمة تمييزٍ إقليمية خاصة. فقانون التنظيم القضائي ينص على ألا يقل قوام محكمة التمييز الاتحادية عن ثلاثين عضواً، في حين ان هذه المحكمة الخطيرة الشأن تعمل الآن بتسعة عشر عضواً النصف منهم منتدبون ، أي أعضاء غير أصليين ، والعديد منهم سيحالون على التقاعد في حزيران القادم . ويبدو واضحاً ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق هؤلاء القضاة الذين يواصلون الليل بالنهار لإنجاز اكبر قدر من القضايا الحساسة والتي تطال مصالح ومهام ومسؤوليات . ورغم هذا الجهد الاستثنائي فإن كماً غير محدود من القضايا لم تزل حبيسة إدراج المحكمة منذ عام ٢٠٠٦ ! . وما الدعوى التي حركت على رئيس المحكمة السابق بالوكالة الا نموذج على هذا التقصير. لقد تم تأجيل التصويت على القائمة التي قدمها مجلس القضاء الأعلى إلى البرلمان والتي تضم مجموعة من المرشحين لشغل النقص في قوام المحكمة بذرائع لا ترقى بأي حال الى مستوى تعطيل البت بالمرشحين .فإذا أخذنا بالاعتبار وجود ملاحظات تتعلق بالكفاءة او المساءلة او أي سبب آخر ، فان من الممكن إزاحة المشمولين بمثل هذه الملاحظات والتصويت على من يثبت أهليته للترشيح . وقد شهد البرلمان سابقة تتعلق بالتصويت على عدد من المرشحين القضاة الذين طُرحوا على البرلمان لشغل ع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دولة القانون ينفي السعي لتشكيل حلف مع إيران وروسيا

دولة القانون ينفي السعي لتشكيل حلف مع إيران وروسيا

 بغداد/ وائل نعمة فيما ينتظر الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد عودة رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي من موسكو لزيارة بغداد، ينفي ائتلاف دولة القانون أن تكون زيارة المالكي إلى العاصمة الروسية والزيارة المرتقبة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram