TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: بنون أسوأ من الآباء

أحاديث شفوية: بنون أسوأ من الآباء

نشر في: 7 مارس, 2012: 10:30 م

 احمد المهنايمكن التفريق بين نوعين من تطلعات البشر. خيالي وواقعي. "المدينة الفاضلة" من النوع الأول. وخلاصة معناها الإيمان بإمكانية بناء عالم سعيد، حر، عادل، متناسق، لا مكان للشرور فيه. أي جنة. وهناك كنز هائل من ثمرات الفكر والأدب يعبر عن هذا التطلع الخيالي.
وجاءت أنظمة سياسية وأعتقدت أو زعمت انها تستطيع تحقيق هذا المستحيل. وكان ثمن هذه المحاولة هو الأكثر كلفة في التاريخ. ولذلك يمكن تسمية هذه الوجهة من الآمال بأحلام النار، أو أحلام السماء، تفريقا لها عن أحلام الأرض القابلة للتصريف في بنك الواقع.ولقد سرقت " أحلام النار" نحو 70 سنة، أو جيلين، من عمر العالم العربي، ومازالت تفعل. وهي تظل فاعلة طالما وجدت في السياسة او في الحكم تيارات خيالية أو غير واقعية. ولعل "القاعدة"، الداعية الى اقامة " حكم الله"، تمثل نموذجها المتطرف. فأي الرجال أو النساء يمكنه تمثيل الله، وفوق ذلك التسلط باسمه على رقاب الناس؟مقابل " أحلام النار" وجدت وسط أصحابها ردة عنها، وقد تكون ليست أقل دمارا عنها. الأسد الأب، صدام، القذافي، تزعموا حكومات تنتمي الى " احلام النار"، او الى أفكار خيالية أو لاعقلانية. أما ممارساتهم في السلطة فتدل على أنهم مرتدون، وصلوا الحكم على ظهر فكرة، ولكنهم عافوها وحكموا من أجل سلطة. والسلطة اذا أصبحت غاية صارت مفسدة منتجة للمحنة والكارثة. وكان بين أبناء الرؤساء من هو في حد ذاته كارثة.إنك عندما تتمعن في بيوت اولئك الرؤساء، وأمثالهم، ترى أنها أمست أمثلة متطرفة على الردة عن " أفكار النار"، وما تفرضه هذه الأفكار من أخلاق الاستقامة والنزاهة. تراها بيوتا فاسدة. فأبناؤهم، من ورث الحكم ، ومن كان ينتظر، جاؤوا أكثر سوءا، وأقل أدبا، وأكثر شراسة، وأقل حذرا، وأكثر طمعا، وأشد صلفا من آبائهم.والتحقق من صحة هذا الاستنتاج لا يحتاج الى أكثر من ذكر اسماء مثل عدي، سيف الإسلام، بشار. هناك ايضا جمال مبارك، وأحمد علي عبد الله صالح. والأخير ذهب والده ومازال مستمسكا بالعروة الوثقى للسلطة او أحد مفاتيحها. آباء هؤلاء الأولاد كانوا " أعقل" منهم. ويبدو ان ما في الآباء يرثه البنون مضخما إلا من عصم ربي. وهكذا فإننا لم نسمع غير القليل عن مغامرات صدام النسائية، بينما اصبحت مع عدي فضيحة على كل لسان. كما لم نسمع عن مبارك الكثير من اعمال " البزنس" خلافا لجمال. ولم نر الأسد الأب يحاضر على أقرانه في قمم العرب، في حين فعلها الزعطوط مع ملوك ورؤساء في عمر أبيه أو أكبر.ولعل القليل من حياء الآباء يعود الى أنهم عاشوا بعض الوقت مع الناس، وسط المجتمع، قبل ان يتسلطوا و"ينقطعوا". أما الأبناء فقد عاشوا أكثر، وبعضهم ولد، في منزل السلطة. والسلطة مفسدة لمن جاء اليها من أحلام النار، أو من آمال الواقع، ومن النعمة أو من النقمة، فما بالك بمن ولد أو تربى منذ نعومة أظفاره في المفسدة.ولا عاصم من أمثال هؤلاء الآباء والبنين، ولا حل معهم، قبل أن تعمل الديمقراطية. دونها باقية "أحلام النار". وأصحابها من مختلف الأنواع كذلك باقون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أوس الخفاجي: إيران سمحت باستهداف نصر الله وسقوط سوريا

عقوبات قانونية "مشددة" لمنع الاعتداء على الأطباء.. غياب الرادع يفاقم المآسي

مدير الكمارك السابق يخرج عن صمته: دخلاء على مهنة الصحافة يحاولون النيل مني

هزة أرضية جنوب أربيل

مسعود بارزاني يوجه رسالة إلى الحكومة السورية الجديدة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram