TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > أزمتنا .. وليدة اليوم أم نتيجة أخطاء الماضي؟

أزمتنا .. وليدة اليوم أم نتيجة أخطاء الماضي؟

نشر في: 9 مارس, 2012: 07:41 م

طارق الجبوريبعد كل تلك الجهود التي قام بها أصحاب النيات الحسنة لتحكيم العقل والحكمة في الخروج من الأزمة التي ما زالت العملية السياسية تعيشها منذ حوالي الأربعة أشهر ، وبدء الاجتماعات التحضيرية لعقد المؤتمر أو اللقاء الوطني ، لابد من البحث عن جوانب  وأسباب هذه الأزمة مع أن البعض وبدوافع شتى يرفض إطلاق هذه التسمية عليها .
 والسؤال الذي نظن أن البعض يتعمد إهماله هو هل ما تمر به العملية السياسية مستحدث ووليد اليوم وابن لحظة آنية  أم أنه نتيجة لتراكمات من الأخطاء كانت محصلته هذا التشويه الذي تتحمل مسؤوليته جميع الأطراف بدرجات متفاوتة وبحسب مواقعها في مجلس النواب أو في الحكومة ؟وللإجابة بموضوعية  على السؤال لابد من الإشارة إلى أن جزءاً من إشكاليات العلاقة مبعثها ترسبات سنوات الاستبداد الطويلة نسبياً ، دون إغفال تأثير ملامح الشك والريبة التي طبعت علاقات الأحزاب والشخصيات الوطنية والديمقراطية يسارية أم قومية أم ليبرالية  أم إسلامية ، والتي تجسدت بصراعات دموية كان من نتيجتها إجهاض ثورة الرابع عشر من تموز 1958 بهذا الشكل الدموي .غير أن هذا لايعفي احداً من مسؤولية تداعيات ما حدث بعد 2003 من تغيير والتذكير بالأصوات التي نبهت مبكراً إلى مخاطر الانجرار إلى مساومات بين أطراف العملية السياسية والمحتل الأميركي التي دفعت بها إلى الموافقة على تشكيل مجلس الحكم على وفق صيغة محاصصية تتناقض في جوهرها مع مبادئ الديمقراطية التي تجعل المواطنة قيمة لا يعلو عليها شيء طارئ كالطائفية . عبثاً حاولت أصوات وطنية وديمقراطية قليلة إقناع هذه الأطراف بما يمكن أن تجره هذه المحاصصات من مشاكل ، فقد كان كل طرف ومنذ البداية يسعى جاهداً للاستقواء على الآخر بالتمسك الشكلي بالطائفة أو المكون على حساب المواطنة وما تعنيه من النظر إلى المواطن بحسب الكفاءة والعطاء وما يمكن أن يقدمه للوطن من خدمات . ليس هنالك من يستطيع تجاهل هذا التنوع في المجتمع العراقي ودور كل مكوناته في صنع حضارته وتاريخه  وحق كل واحد منها من التمتع بحقوقه التي سلبت في ظل أنظمة حكم لم تكن تمثل أياً منها، فهي كانت تمثل نفسها ومصالحها ، لذلك فليس من مكون سلم من جرائمها .. وليس هنالك من ينكر تعرض بعض هذه المكونات إلى عمليات ظلم واضطهاد وصلت حد الإبادة ، غير أن هذا لا يعطي المبرر لتجاهل تاريخ طويل من النضال المشترك في إطار الأحزاب الوطنية بكل تنوعاتها من اجل عراق ديمقراطي يتمتع فيه الجميع بحقوقه بشكل متساو، فيجعل من موضوعة التنوع غطاءً لتبرير تمسكه بالمحاصصة وما يمكن أن تجره  من ضياع لقيمة المواطنة وهي أكبر وأسمى . ويزخر تاريخ العراق بصور ناصعة اصطف فيها الكردي والتركماني والكلدوآشوري والإيزيدي وغيرهم إلى جانب العربي للدفاع عن العراق ووضعه على طريق التحول الديمقراطي  ومقارعة أنظمة الاستبداد التي عطلت طاقات العراقيين وعرقلت النهوض ببلدهم .ومع تبني أغلب الأطراف منهج المحاصصة وتمسكها به كخيار لتقاسم الأدوار ، وعده استحقاقاً تفرضه نسب مجردة وفارغة لكل مكون وطائفة ، كان من الطبيعي ولادة نموذج مسخ لروح وجوهر الديمقراطية لا يمت لها ولا لمبادئها بأية صلة إلا إذا سلمنا بمنطق يحاول أن يشيعه البعض من أن عملية الانتخابات وهامش  الحريات النسبية وانتشار وسائل الإعلام هي الغاية بحد ذاتها وليست وسائل لإشاعة نظام ديمقراطي سليم يشعر فيه كل مواطن بالأمان و كرامته مصانة .. نظام يؤمن له ولعائلته مستقبلاً لا خوف فيه من  فقر وجوع وحرمان و لا تضطره فيه ظروف العيش القاسية لبيع صوته بأي صورة وبأي ثمن ولأية جهة !قد يعدنا البعض متشائمين إن لم نقل متحاملين على طرف ما ، لكن أليس هذا هو جزءاً بسيطاً من الحقيقة التي يحاول البعض القفز عليها متناسياً أن ممارساتهم وسلوكياتهم  وطروحاتهم المضللة طيلة السنوات التسع هي من أسهم بتأجيج نار الطائفية واستشراء الفساد وانعدام الخدمات  وتعطيل الطاقات وتضليل المواطنين بشعارات زائفة لتمرير مخططاتهم المرتبطة بأجندات خارجية من أجل مصالح ضيقة وعلى وفق نظرة قاصرة لمجريات الأمور ، هذا هو جزء الحقيقة وما خفي كان أعظم .  إن ما أفرزته السنوات التسع من ممارسات وما ولّدته من امتيازات خلقت نوعاً جديداً  وغير مألوف من العمل السياسي يحصد الداخلون فيه  الامتيازات والجاه والنفوذ ،فأصبحنا نرى طبقة سياسية من النواب ومسؤولي الحكومة يختلفون فيه على كل شيء إلا على قوانين وقرارات تتجه لصالح تضخيم فوائدهم  , ولم يكن قرار شراء السيارات المصفحة إلا واحداً منها ،فالأمثلة كثيرة منها استثناء رواتب النواب من التخفيضات وحصولهم وعوائلهم على جوازات دبلوماسية وحصر الوظائف في مجلسي النواب و الوزراء وبعض الوزارات المهمة بأقاربهم وحاشياتهم أما بقية الوزارات فتحولت كغيرها إلى إقطاعيات وسعيد الحظ من يجد درجة وظيفية دون واسطة أو دفع مسبق .   كان لابد لهذه الأطراف المنتفعة من أن تتمسك بالمحاصصة وتحويل أنظار المواطنين عما أصاب العراق من انحراف في مسار التغيير الديمقراطي وما أنتجه من فساد أدى إلى شل كل القطاعات ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram