بغداد/ غضنفر إلعيبي
عماد كاظم يسكن في بيت مساحته 35 متراً في منطقة الشعب مع عائلته المكونة من 7 أشخاص، البيت يحتوي على غرفتين وحمام فقط، وهو نسخة مشابهة لخمسة بيوت متلاصقة، بنيت عن طريق مقاول يعمل على شراء البيوت الكبيرة التي تزيد مساحتها على 300 متر ليقسمها إلى عدد من البيوت ومن ثم يقوم ببيعها وهو أمر يتكرر على بيوت
كثيرة في منطقة الشعب وأماكن متعددة من بغداد .
كاظم يذكر لــ"المدى"، "لا أستطيع شراء بيت بمساحة أكبر، لأن دخلي محدود جدا كوني اعمل سائق تكسي، واكدح من اجل لقمة العيش التي أوفرها بصعوبة" .
وتابع "قررت شراء منزل صغير يؤوي عائلتي، وهو أمر أفضل لي من السكن في بيوت الإيجار التي تبلغ 400 ألف دينار شهريا وهو مبلغ كبير لبيت صغير، وعادة أن صاحب البيت يزيد بدل الإيجار بين فترة وأخرى أو يأتي صاحب البيت ويشردني في أية لحظة، ولن اشعر بالأمان لأنه أولا وأخيرا ليس ملكي ، وفي أي لحظة ممكن أن يطالبني صاحب الملك بإخلائه كما حدث معي لأكثر من مرة" .
ويأمل كاظم أن يحصل على قرض من الدولة أو قطعة ارض 100 متر، ليكون له ليضمن مستقبل أبنائه بوطن صغير، مضيفا " أتعهد بتسديد المبلغ على شكل أقساط شهرية أو سنوية، وللأسف إن قروض الإسكان تمنح للموظفين أو المتقاعدين وفق ضمانات كبيرة وأنا لست موظفا أو متقاعدا " .
من جانبه يذكر المقاول سليم العامري في تصريح لـ "المدى"، "البناء مهنتي ورثتها عن أبي، اعمل بمقاولات البيوت وكل أنواع العقارات منذ 20 سنة، بعد عام 2003 أصبحت مهنتي الأساسية هي شراء المنازل الكبيرة وهدمها ومن ثم أقوم ببناء مشتملات صغيرة على تلك الأرض،وبعدها أقوم ببيعها والطلب متزايد على هذه البيوت " .
وأشار العامري "لم نكن نعمل في السابق بهذه الطريقة، بسبب القوانين الصارمة التي كانت مفعلة قبل عام 2003 ، أما في الوقت الحاضر فليس هنالك رقابة على عملنا" .
فيما تقول فاطمة جواد من سكان مدينة الشعب في بغداد، إن "ازدياد أعداد البيوت بعد تقسيمها وبدون أي توسيع للخدمات المتمثلة بشبكات الكهرباء والماء والصرف الصحي اثر سلبا على المنطقة، وأصبحت الخدمات سيئة للغاية بسبب ازدياد أعداد ساكني المنطقة والخدمات باقية على حالها منذ 30 سنة, نحن نعاني انقطاع الماء المستمر وشبكات الكهربائية أصبحت تعمل بأكثر من طاقتها والحمل عليها صار أضعافا ما يؤدي إلى عطلات كثيرة ومن ثم انقطاعها المستمر" .
بينما اعتبرت عضو مجلس النواب بتول فارق في تصريح لـ "المدى" الظاهرة بأنها " تشويه لجمالية مدينة بغداد بصورة عامة فضلا عن أن هذا الموضوع يعكس الفوضى الكبيرة, وعدم الأخذ بالأنظمة والضوابط من قبل المواطن في ما يخص الأبنية والمقاول يؤشر بالتأكيد أكثر من خلل".
وأشارت فاروق إلى أن "تقسيم البيوت إلى مساحات صغيرة من اجل السكن يتسبب بأزمات كبيرة للمجتمع وللبلد وعلى كل المستويات فمن ناحية اجتماعية، إن يسكن الشخص في بيت صغير جدا يسبب له في بعض الأحيان أمراضا لعدم وجود المساحات الخضراء وعدم دخول أشعة الشمس بصورة جيدة، وربما يسبب أمراضا نفسية لصغر المساحة وصعوبة الحركة والتنقل فضلا عن أن التقسيم بهذا الشكل بعيد عن الذوق وعن المعايير الجمالية والابتعاد عن هوية بغداد العمرانية والحضارية " .
وأكدت أن"القوانين تمنع تقسيم البيوت بمساحات صغيرة على اعتبار أن القانون القديم ينص على أن لا يسجل البيت أو الأرض ولا يفرز باسم الشخص إلا إذا كانت مساحته200 متر أو أكثر، لكن هذا القانون لم يفعل".
وشددت النائب في البرلمان على " الإسراع بحل مشكلة السكن كي لا يلجأ المواطن إلى هذه الحلول الخاطئة فضلا عن التجاوز على الأرصفة والمساحات التابعة للدولة والممتلكات العامة من خلال السكن العشوائي ،والبيوت الصغيرة هي شكل من أشكال السكن العشوائي " .
مقاولون يشترون بيوت بغداد ويبيعونها شققاً
نشر في: 14 أكتوبر, 2012: 05:57 م