TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات: قصة من "التحرير"!

كردستانيات: قصة من "التحرير"!

نشر في: 9 مارس, 2012: 08:11 م

 وديع غزوانأرجو أن يتسع صدر رئيس التحرير التنفيذي لي هذه المرة أيضا، فأنصرف قليلاً بالعمود بعيداً عن كردستان ، مع قناعتي بأن الحديث عن أية قضية سياسية أو اقتصادية أو غيرهما في بغداد أو أية محافظة أخرى لا ينفصل عن الإقليم لأن العلاقة بينهما ليست شكلية، وأن ما يجري في أي واحد منهما يرتبط بالآخر ويؤثر فيه.
وقد تكون القصة  المستوحاة من ساحة التحرير هذه الجمعة تفرض ذلك وتمنحنا العذر . فهذه الجمعة كانت " صرخية " إذا صح التعبير ، حيث كان المتظاهرون  جميعاً  من أتباع السيد محمود الصرخي تقريباً كما يبدو من الشعارات والهتافات ، فيما لم تتغير صورة  عناصر الأجهزة الأمنية  وتكثيف حضورها في الساحة  في مثل هذا اليوم وعملت طوقاً أمنياً إضافة لغلق جسر الجمهورية ومنع سير المركبات من وإلى الساحة من جهاتها الأربعة إذا استثنينا جانب شارع أبو نؤاس . وقفت في الجهة المقابلة وأنا منصرف لقراءة البيانات والاستماع إلى الخطب والأهازيج ، حتى فاجأني شخص لا أعرفه بسؤال استفزازي وبطريقة لا تخلو من الاستهزاء قائلاً " وينكم شيوعين وين جماهيركم  هل مازال شعاركم المنجل  والجاكوج (أي المطرقة)؟". ابتسمت أولا  وحاولت إخفاء غضبي وقلت في نفسي ربما انه شخص أعرفه من أيام الدراسة ولا أتذكره فقلت له:  اعذرني تعرف أن للعمر أحكامه ، فهلا تنعش الذاكرة عن أوليات تعارفنا في أي محلة أو مكان. أجاب بصلف واضح :لا أعرفك ولكني كنت أشاهدك  مع  بعض الشباب الشيوعيين في تظاهرات الجمعة . لم أتعامل معه بما يفترض من قسوة ، فقد بدأ ت بعض الهواجس تقلقني مع أسئلة عن هوية هذا الشخص المجهولة وسبب تقصدي بالذات . جمعت ما بقي لي من شجاعة وأجبته بشيء من الحزم :أولاً أنا أستغرب سؤالك بهذه الطريقة ودون سابق معرفة ،وثانياً إن التظاهرات التي تقصدها ضمّت أطيافا شتى من مكونات الشعب احتجاجاً على ما لحق بما يسمى بالعملية السياسية من تشوهات وكنت أتمنى أن يكون الحزب الشيوعي وغيره من التيارات الديمقراطية فاعلة في تلك التظاهرات   بما يكفي لمواجهة مخططات إجهاضها، ثالثاً أنا لست شيوعياً ولا أستح من الجهر بانتمائي للحزب الشيوعي لو كنت كذلك! ورابعاً هل أنت من المكلفين بمراقبة من يحضر إلى ساحة التحرير؟ وخامساً وأخيرا أنا منصرف ، لكني أعيد عليك السؤال الذي لا أعرف جوابه ولكن بشكل أوسع فأقول :نعم أين فعل كل التيارات الديمقراطية من كل هذا الذي يجري؟قد يكون السائل بريئاً وقد يكون مكلفا وهو ليس بالأمر الغريب لكن ما أثار الريبة أنني لست من الناشطين وكان المحفز الأكبر لحضوري سابقاً أن أرى بعض الحلم يتجسد في ساحة التحرير فأتيقن من أن ما آمنا به ودعونا إليه ليس مجرد سراب ،ومع الأسف أعترف أنني كغيري حصدنا خيبة أخرى لأسباب كثيرة ليس هنا مجال الحديث عنها، ناهيك عن كوني لا أعرف الكثير من  المتظاهرين الشباب،  والقليل منهم أعرفه من خلال العمل، لذا فقد كانت عوامل الريبة والشك هي الغالبة على ما سواها . النتيجة التي خرجت منها هذه الجمعة بصراحة مخاوف جديدة على حلمنا بديمقراطية صحيحة نطمئن فيها بأن مستقبل العراق بخير .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram