عامر القيسيمازالت حقيقة مشكلة اللاجئين العراقيين خارج العراق مشكلة حقيقية يتوجب إيجاد الحلول الجذرية لها وليس الترقيعية، ورغم علمنا بحجم المشكلة وضخامتها وتشعب منافذها وتعقد آليات حلها، الا ان هذا لا يشكل مبرراً مطلقا، بالنسبة للحكومة أو مجلس النواب، لان يتفرجوا على المشكلة ملتجئين الى الحلول الآنية العاطفية التي لا تشبع ولا تروي.
المال لوحده لا يحل المشكلة وتوفير الطائرات لنقل من لهم رغبة في العودة لا يكفي أيضاً، علينا الإقرار باننا أمام مشكلة حقيقية وخطيرة ولها أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والسياسية والمستقبلية أيضا، يتوجب ان تجتمع إرادات كل من له علاقة بهذا الموضوع على المستوى الداخلي والدولي. فليس منصفا للكرامة العراقية ان تجلس نساؤنا على أرصفة دول الاغتراب (الأشقاء خصوصاً) يبعن السجائر أو يتسولن في مرائب النقل أو الشوارع العامة. وليس منصفا للعراق الجديد ان تكون صورة أبنائه المعروضة في الخارج في هذا الإطار.في التحقيق المنشور في هذه الصفحة حقيقة لم ننشر كل ما سمعناه وما قاله لنا المهجرون والمهاجرون، طوعا وقسرا، عن طبيعة التعامل معهم من قبل الجهات المسؤولة، من العراقيين أولا عندما يتفقدونهم في بعض الأحيان عند زيارتهم للأردن ليتصدقوا على بعضهم بالعسير من المال وكأنهم متسولون حكوميون بامتياز، ثم يطويهم النسيان الى ما شاء الله !! وسمعنا عن مهجرين ومهاجرين عادوا الى العراق استجابة لدعوات الحكومة، ثم غادروا وطنهم مرّة ثانية بعد أن اصطدموا بجدار البيروقراطية وعدم الاكتراث بل وفي بعض الأحيان التأخير المتعمد وعرقلة معاملاتهم الرسمية، ومن الشواهد على سلامة ما نقول شكاوى لا تعد ولا تحصى، ليس آخرها عودة احد الأطباء من ليبيا (زوجته طبيبة وابنته طبيبة أيضاً) إذ بقي الرجل يتسكع بين الدوائر الحكومية ولجان عودة المفصولين السياسيين وبين إيجاد دار ليسكنها حتى يجلب عائلته ويرتاح من حياة الغربة لينتقل الى حياة الاستقرار في الوطن، وأخيرا استقر به الحال أمامي ليسأل: ماذا افعل؟لانه بكل بساطة وألم لم يجد لا اذنا صاغية ولا بابا مفتوحا عند مسؤول، من أي شكل ولون،، وربما سيتخذ قراره قريبا بالعودة الى عذابات مرّة ثانية !! هذا على مستوى كفاءة تريد ان تعود وتخدم الوطن، فكيف سيكون الحال مع ام مصطفى بائعة السكائر ومع من ليس معهم شهادات؟ كيف سيكون الحال مع من فقدوا كل شيء وهاجروا حفاظا على أرواحهم وأرواح عوائلهم؟ كيف سيكون الحال مع الذين باعوا أملاكهم وهاجروا وصرفوا آخر دينار في جيوبهم من أجل البقاء على قيد الحياة؟.. وكيف.. وكيف.. وكيف؟نتمنى ان يتواجد العراقي في كل مكان من العالم رسولا لبلده وسفيرا حضاريا لعراقه الجديد ومناضلاً من أجل تحشيد الرأي العام للتضامن مع التجربة العراقية الجديدة، هذا هو العراقي الذي نريده خارج العراق وليس العراقي اللاجئ الذي تلاحقه اجهزة الشرطة الشقيقة لانه لا يملك ما يسدد به رسوم إقامته !مهمة وطنية وحضارية ترتقي الى مستوى الملف الأمني، في مواجهة أي حكومة تتصدى لقيادة العمل التنفيذي في البلاد الآن أو بعد الانتخابات النيابية القادمة. وبدون مبالغة نستطيع القول من دون تردد ان حل مشكلة اللاجئين العراقيين في دول المهجر، خصوصاً عند الأشقاء، سيكون مؤشرا مهما على نجاح العملية السياسية أولا ومنع الآخرين من استخدام أبناء بلدنا ضدنا كورقة سياسية ثانياً.
كتابة على الحيطان.. لا نريد لاجئين
نشر في: 9 أكتوبر, 2009: 05:01 م