الشاب "غزوان " يمتلك مواصفات بدنية، أهلته ليكون احد عناصر الصف الأول ضمن فريق حماية مسؤول كبير جدا في زمن النظام السابق ، ولغزوان مشكلة في لفظ حرف الغين وكذلك القاف فلديه الغاز" قاز" والقرد غرد ، وعلى الرغم من وجوده في العاصمة بغداد ، لم يستطع إجادة لفظ الحرفين بطريقة تبعد عنه السخرية والضحك.
وصل إلى بغداد قادما من قريته ليشغل موقعه الأمني الجديد طبقا لمبدأ :" الأقرباء أولى بالوظائف " وفي أول تجربة له في عمله ، وأثناء زيارة المسؤول الكبير لإحدى القرى خارج العاصمة ، استخدم" قزوان" الذي لم يحصل على الشهادة الابتدائية صلاحياته في حفظ الأمن الشخصي للمسؤول ، وأثناء خروج الجماهير عن بكرة أبيها وجدها لتحية الضيف، وقف "قزوان" بالمرصاد لها ومنعها من الاقتراب ، ولعجزه عن إيقاف "الزحف الجماهيري" حذر من الاقتراب ، وأمرهم بالابتعاد عدة أمتار ، ولرفض الآخرين الاستجابة لأوامره خاطبهم بالقول :" ارجعوا هو شنو غرد وملتمين عليه " أثارت مقولة رجل الحماية استهجان وغضب زملائه ، فتقدم كبيرهم منه وهمس في أذنه :" اليوم اكص السانك " ، مرت الحادثة بسلام ، ومنع غزوان من الخروج في "الجولات الميدانية" وظل مقيما في المقر ، وخضع لدروس في محو الأمية مع عقوبة حجز ثكنة لحين إجادة لفظ القاف والغين بشكل صحيح حتى" لا يجعل رجال الحماية مضحكة للجماهير" من النساء والرجال والاطفال .
بعد "القزو" الأميركي للعراق ، غادر غزوان العاصمة إلى قريته ، فاقدا امتيازاته السابقة بوصفه كان منتسبا لإحدى الأجهزة الأمنية المنحلة ، وبعد سنتين ، وعندما أعلن رجال عشيرته المشاركة في العملية السياسية وخوض الانتخابات المحلية السابقة ، تمكن احدهم أن يكون عضوا في مجلس محافظة ، فاستعان المسؤول الجديد بخدمات وخبرة غزوان في حماية الأمن الشخصي ، بعد خضوعه لامتحان يبين إجادة لفظ الحرفين لكي لايقع المسؤول الجديد بإشكالية "الغرد " القرد عندما يقوم بجولة ميدانية للتعرف على مطالب الجماهير وتلبيتها بأسرع وقت ممكن .
في إحدى زيارات المسؤول برفقة رجل الأمن غزوان ، طلب الأول من الثاني تدوين مطالب الجماهير ، وبعد العودة إلى مقر العمل ، كانت ورقة المطالب تتضمن توفير "غناني القاز" أي قناني الغاز لأهالي قرية غزوان ، علما أن المسؤول لم يزرها ، وعندما استفسر عن ذلك ، قال رجل الحماية " كل الناس تريد قاز " المسؤول المحلي شعر بخيبة أمل كبيرة في اعتماده على عنصر حماية يجهل كتابة مطالب القواعد الشعبية ، لغرض طرحها في اجتماع موسع لتنفيذها ، فاستعان بشخص آخر لكتابة المطالب ، لأنها أمانة برقبة المسؤول ، ولا يجوز اختزالها بطريقة غزوان صاحب الخبرة الطويلة في حماية المسؤولين .
معظم عناصر حمايات المسؤولين نسخة مشابهة لرجل الأمن "قزوان " لامتلاكهم قوة بدنية لمنع الزحف الجماهيري ، فضلا عن مؤهلات جمع العرائض ووضعها في كونية ثم رميها في مبزل اللطيفية ، أو في اقرب حاوية لجمع النفايات ، وبهذه الطريقة العراقية المبتكرة يتحقق التواصل مع المسؤول المحلي وقواعده الشعبية ، بجهود رجال الحماية الجدد المستنسخين من "قزوان" .