TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رجل الحماية "قزوان"

رجل الحماية "قزوان"

نشر في: 14 أكتوبر, 2012: 05:58 م

الشاب "غزوان "  يمتلك مواصفات بدنية،  أهلته ليكون احد عناصر الصف الأول ضمن فريق حماية مسؤول كبير جدا في زمن النظام السابق  ، ولغزوان مشكلة في لفظ حرف الغين وكذلك القاف   فلديه الغاز" قاز" والقرد غرد ، وعلى الرغم من وجوده في العاصمة بغداد ،  لم يستطع  إجادة لفظ الحرفين بطريقة تبعد عنه السخرية والضحك.

وصل إلى بغداد قادما من قريته ليشغل موقعه الأمني الجديد  طبقا لمبدأ :" الأقرباء أولى بالوظائف " وفي أول تجربة له في عمله ، وأثناء زيارة المسؤول الكبير لإحدى القرى خارج العاصمة ، استخدم" قزوان" الذي لم يحصل على الشهادة الابتدائية  صلاحياته في حفظ الأمن الشخصي للمسؤول ، وأثناء  خروج الجماهير عن بكرة أبيها وجدها  لتحية الضيف، وقف "قزوان" بالمرصاد لها ومنعها من الاقتراب ، ولعجزه عن إيقاف "الزحف الجماهيري" حذر من الاقتراب ، وأمرهم بالابتعاد عدة أمتار ،  ولرفض الآخرين  الاستجابة لأوامره  خاطبهم  بالقول :" ارجعوا هو شنو غرد وملتمين عليه " أثارت  مقولة رجل الحماية استهجان وغضب زملائه ، فتقدم  كبيرهم منه وهمس في أذنه :"  اليوم اكص السانك " ، مرت الحادثة بسلام ،  ومنع غزوان من الخروج في  "الجولات الميدانية" وظل مقيما في المقر ، وخضع  لدروس في محو الأمية مع عقوبة حجز ثكنة لحين إجادة لفظ القاف والغين بشكل صحيح حتى"  لا يجعل رجال الحماية مضحكة للجماهير" من النساء والرجال والاطفال .

بعد "القزو" الأميركي للعراق ، غادر غزوان العاصمة إلى  قريته ، فاقدا امتيازاته السابقة  بوصفه كان منتسبا لإحدى الأجهزة الأمنية المنحلة ، وبعد سنتين ، وعندما أعلن  رجال عشيرته المشاركة في العملية السياسية  وخوض الانتخابات المحلية السابقة ، تمكن احدهم  أن يكون عضوا في مجلس محافظة ، فاستعان المسؤول الجديد بخدمات وخبرة غزوان في حماية الأمن الشخصي ،  بعد خضوعه لامتحان يبين إجادة لفظ الحرفين لكي لايقع المسؤول الجديد بإشكالية "الغرد "  القرد  عندما يقوم بجولة ميدانية للتعرف على مطالب الجماهير  وتلبيتها بأسرع وقت ممكن .

في  إحدى  زيارات المسؤول برفقة رجل الأمن غزوان ،  طلب الأول من الثاني تدوين مطالب الجماهير ، وبعد العودة إلى مقر العمل ،  كانت ورقة المطالب تتضمن توفير "غناني القاز" أي قناني الغاز لأهالي قرية غزوان ، علما أن المسؤول لم يزرها ، وعندما استفسر عن ذلك ،  قال رجل الحماية " كل الناس تريد قاز " المسؤول المحلي شعر بخيبة أمل كبيرة في اعتماده على عنصر حماية يجهل كتابة مطالب القواعد الشعبية ، لغرض طرحها في اجتماع موسع لتنفيذها ، فاستعان بشخص آخر لكتابة المطالب  ، لأنها أمانة برقبة المسؤول ، ولا يجوز اختزالها  بطريقة غزوان صاحب الخبرة الطويلة في حماية المسؤولين .

  معظم عناصر حمايات المسؤولين نسخة مشابهة لرجل الأمن "قزوان "   لامتلاكهم قوة بدنية  لمنع الزحف الجماهيري ، فضلا عن مؤهلات جمع  العرائض ووضعها في كونية ثم رميها في  مبزل اللطيفية ،  أو في اقرب حاوية لجمع النفايات ، وبهذه الطريقة العراقية المبتكرة  يتحقق التواصل مع المسؤول المحلي وقواعده  الشعبية ، بجهود رجال الحماية الجدد  المستنسخين من "قزوان" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram