عالية طالبلم تحظ " السعودية " عبر كل القمم العربية التي عقدت منذ تأسيس الجامعة العربية ولحد اليوم ، بمثل هذا الاهتمام سواء بدورها أو بحضورها من عدمه أو بإرضائها أو بالتحبب إليها أو باهتمام الإعلام بمتابعة تصريحاتها وسكناتها وهناتها وما يرشح عنها أو حتى ما لم تقله !!
ولم تتردد السعودية بقبول كل هذا الاهتمام بل رحبت به " برقة ودلال" ابنة العشرين حين يزداد عدد خطابها ومريديها فتفرض شروطها وتوزعها هنا وهناك حتى لو كانت في قرارة نفسها تعرف جيدا أنها تخطت سن الدلال وسطوة الجمال والشباب منذ فترة تؤشرها العديد من الدلائل والمستجدات وتوازنات القوى وتأثيرات المواقع والثروات والمواقف من القضايا المصيرية المهمة سواء لجارها " العراق " أو للمنطقة العربية التي لا يخفى على احد تسلل الذراع السعودي إليها علنا أو خفاء في مناسبات لا تحصى .ويبقى السؤال الرائج يدور في أذهان العراقيين وهم يستمعون إلى التصريحات السياسية والإعلامية والبحثية والتحليلية والجيوسياسية ، السؤال يدور ليعود طافيا على سطح الاستغراب ، هل العراق هو خاطب الود المنفرد في هذا السباق السياسي للإرضاء ؟ أم ان السعودية باتت تعرف جيدا ان سياق علاقاتها مع العراق لابد له ان يقوم على أساس النظر بعين الاعتبار إلى دور البلد وليس الأشخاص، ودور الجغرافيا والأمر الواقع وليس التوقعات التي يمكن أن يؤثر فيها تاريخ شهدنا نهايته. ويمكن النظر إلى إعلان السعودية عن تعيين سفير غير مقيم لها بالعراق، على أنه بداية تفهم سعودي لأهمية العراق، والدور الذي يمكن أن يلعبه في المستقبل، سواء كان هذا المستقبل في ظل حكومة نوري المالكي أو غيره.فالعراق بوضعه الحالي وباسترداده لبعض من ملفاته المستقرة رغم التهديدات التي تعلو أحيانا بفعل الملف الأمني الذي لم ينته تماما من تداخلاته ، فرض حالة جديدة على مستوى العلاقات لا مع السعودية فقط بل مع كامل دول الخليج التي تعرف جيدا تأثير استقرار العراق عليها واضطرابه الذي ليس في صالحها ولا في صالح كامل منطقة الشرق الأوسط . وهذا ليس تحليلا متسرعا ولا يستند إلى العواطف والمشاعر بقدر ما تصادق عليه مجريات التاريخ القريب الذي مر بالعراق وسبب إرباكا وتشتتا وخسائر وملفات عانت منها حتى الدول التي لا تربطها حدودا جغرافية مع العراق.rnوان كان رمي الحجر في البركة الساكنة في علاقات العراق والسعودية جاء بسبب "القمة العربية"،وان كانت هناك آراء تقول إن هذا التقارب قد لا ينضج تماما وقد ينتهي بانتهاء زمن القمة بسبب الرواسب السياسية المشوشة بدوافع عقائدية إلا ان الثابت يشير إلى ان رمي الحجر دائما ما يسبب أمواجا قد تبدو صغيرة إلا أنها تحرك القاع الراكد الذي قد لا يقبل ثانية بإعادة الركود إليه وهذا سيصب في مصلحة البلدين والشعبين وقد يوقف التصعيد الطائفي الذي ينمو في بلدان عربية وإسلامية ليسبب المظاهر السلبية وهو ما ترفضه الإنسانية بغض النظر عن أفكارها العقائدية والطائفية بكل تأكيد .
وقفة: السعودية والقمة المرتقبة
نشر في: 10 مارس, 2012: 09:49 م