أحمد عبد الحسينللقمم العربية صيتٌ سيّئ يتمثل في عدم فاعليتها، اقتصارها على الهذر الذي برع فيه بعض القادة أمثال القذافيّ، وانشغالها بالشعار دون خطة عمل "مثال ما حدث في قمة الخرطوم ولاءاتها الثلاث التي سرعان ما تحوّل كلّ منها إلى نعم".
طبيعيّ أن تكون القمة ضعيفة، لضعف أعضائها وقلّة تدبيرهم، نحن أمة مهزومة، ليس بسبب أميركا وإسرائيل كما يُظنّ عادة وكما يروّج له العقائديون، بل بسبب الحكومات القمعية المتخلفة التي تحتلّ الدول الناطقة بالعربية.كانت القمم على الدوام مظلة لحماية الحكام العرب، ورغم ما يلاك فيها من رطانات عن فلسطين وتحريرها، والمؤامرات والتصدي لها، فإن المواطن العربي يدرك أن شجرة الشوك لا تثمر تفاحاً، فحاكم اغتصب السلطة بقوة العسكر وقمع الناس بالحديد والنار لا يمكن له أن يمنح حرية لشعبه، وآخر ورث عرفاً متخلفاً وسعى جاهداً لتكريس هذا التخلّف مدعوماً بقوة البترودولار لا يمكنه أن يجعل مستقبل بلده مشرقاً، وآخر خائف من بطانته ومنشغل أبداً بالصراع مع شركائه على كرسيّ يريده أن يتأبّد، لن تتصوّره إلا سادناً لهذا الكرسيّ وعبداً له.القمم العربية التي قيل ـ خطأً ـ إن العرب يتفقون فيها على أن لا يتفقوا، كانت تسفر دائماً عن اتفاق الحكام في ما بينهم على عقدٍ مقدّس يقضي ببقائهم متسلطين على رقاب شعوبهم، مثلها مثل اجتماعات وزراء الداخلية العرب الذي قيل عنها دائماً إنها أسهل "القمم" العربية وأسلسها لأن الجميع فيها متناغمون ومتفاهمون ويعرفون ما يريدون: تبرير قمع الشعوب وتبادل الخبرات في هذا مجال إدامة الكراسيّ.ستعقد قمة بغداد والحكام العرب ـ لحسن حظنا ـ في أسوأ حالاتهم، فمنهم من قضى نحبه "أتساءل مَنْ سيملأ دور المهرج بعد القذافيّ؟" ومنهم من ينتظر مصيره "الأسد الابن سيرى قمة أشقائه من على شاشة التلفزيون"، وكثير منهم محاصر بغضب شعبه أو بأزمات تجعل دولته أقلّ من أن تكون دولة.إنه أمر مفرح أن نرى صعوبة اجتماع هؤلاء الدهاقنة، وأن نبصر كم هم مثيرون للشفقة.في مقابل هذه القمم، ثمة قمم للشعوب العربية تعقد كلّ يوم بيسر وسهولة، وهي قمم فاعلة وأنتجت ثورات، قمم لا تنتظر إجراءات أمنية مشددة لتقام، ولا تصرف فيها المليارات من أجل ثلاث ساعات. القمة تعقد يومياً والدعوة عامة .. فقط عليك أن يكون لك حساب في الفيسبوك وأن تعرف كيف تستخدمه.
قــمــم .. قــمـــم
نشر في: 11 مارس, 2012: 01:30 م