وديع غزوانشهدت السنوات الأخيرة في مدن إقليم كردستان توسعاً غير مسبوق بعدد المدارس الأهلية المحلية منها والدولية لجميع المراحل ، إضافة للكليات التي أنشئت وبعضها في طور استحصال الموافقات . ومع أهمية هذا النوع من التعليم في توفير فرص أكبر للمجتمع للاطلاع على استخدام وسائل تعليم حديثة وتوطيد التعاون بين المؤسسات التربوية الكردستانية والدولية وتسريع عملية تطويرها ،نقول رغم كل ذلك وغيره من الميزات الإيجابية لهذا النوع من التعليم ،
إلا أن من المهم في الجانب الآخر الانتباه إلى ضرورة الموازنة بين حاجة الإقليم الفعلية إلى العدد المناسب لمثل هذا النوع من المدارس والكليات ، وعدم التمدد عشوائياًُ وبدون ضوابط لكي لانفاجأ بعد حين بتخريج أعداد أخرى تضاف إلى طوابير العاطلين عن العمل . الجانب الآخر الذي ينبغي إيلاؤه الاهتمام الكافي هو الاستفادة من خبرات المدرسين الأجانب منهم خصوصاً لتطوير المدارس الحكومية خاصة في مجال وسائل التدريس وكيفية التعامل مع الطلاب وغيرها ، دون أن يعني ذلك إثقال إدارات المدارس الدولية بأعباء مادية ، بل يمكن أن يجري ذلك من خلال تنظيم برامج تنسيقية بين الطرفين بإشراف وزارتي التربية والتعليم العالي . إن أكثر ما يمكن أن يتخوف منه المرء في مثل هكذا أوضاع هو ترسيخ نموذجين للطلبة وبعقليتين إن لم نقل توجّهين الأول تمثله طبقة عالية جداً هم خريجو المدارس الخاصة بنوعيها المحلي والدولي والآخر من شريحة طلاب المدارس الحكومية . صحيح أن التسجيل متاح للجميع بالتساوي كما يعلن ولكن الحقيقة انه مقتصر على من يستطيع أن يدفع ،والسؤال هو كم عائلة يمكن أن تتحمل تبعات وتكاليف المدارس الدولية ؟ وكيف يمكن أن تتحقق العدالة ولو نسبياً في توفير فرص متكافئة بين طلاب هذين النوعين من المدارس ؟ وعليه ينبغي التنبيه إلى انه بقدر ما تنفتح كردستان على العالم وتشجع تأسيس المدارس والكليات الدولية عليها أن تتوجه وعلى وفق إجراءات عملية وعلمية لتوفير الدعم بشكل مضاعف للحكومية منها لتقليل الفوارق الشاسعة التي ما زالت شاخصة للجميع. نأسف أن نقول إن صورة المعلم المشرقة التي ظلت عالقة في أذهاننا لحد الآن هي غيرها سواء في كردستان أو بقية أنحاء العراق الأخرى لظروف وأسباب معروفة منها الحروب وظروف الحصار الذي ألحق أفدح الأذى بجميع شرائح المجتمع العراقي ،عليه فإن مسؤولية مضاعفة تقع على عاتق الوزارات التربوية المسؤولة للارتقاء بمدارسنا من جميع الأوجه . ومن المؤسف أكثر إن البعض من الهيئات والمؤسسات التربوية و التعليمية تفهم النهوض بهذه العملية من زاوية واحدة هي المناهج الدراسية وتتغافل الجوانب الأخرى ،كالأسرة وعلاقة الطلاب بمدرسيهم ومدى قدرة الأستاذ على أن يكون قريباً من هذه الشريحة متفهماً لاحتياجاتها . لا أريد أن أخوض كثيراً بالتفسيرات النظرية المجردة لأسباب بقاء تخلف هذا القطاع عن غيره ليس في دول العالم بل حتى مقارنة بدول الجوار ، مع الإقرار بمستوى التقدم الواضح والكبير الذي تحقق في هذا القطاع في إقليم كردستان ، غير أن الواقع يقول إن ما ينتظرنا الكثير وإن وجود التعليم الأهلي ينبغي أن يحفزنا أكثر للنهوض بما نمتلكه من وسائل في المدارس الحكومية للاستفادة من طاقات طلبتنا وتلاميذنا والمطالبة بتوفير المختبرات و" الكافتيريات الجميلة أسوة بغيرها من المدارس الدولية.
كردستانيات: التعليم الأهلي.. ووقـفـة لابد منهـا
نشر في: 11 مارس, 2012: 07:37 م