TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العراق والعدالة الانتقالية

العراق والعدالة الانتقالية

نشر في: 12 مارس, 2012: 07:59 م

علي البصري كان من المفترض أن اُعنون مقالتي هذه بالعنوان الآتي: (العراق بحاجة إلى ثورة كالثورة الفرنسية) إلا أنني لم اُحبذ ذلك كي لا اُتهم بالثورية وربما بالإرهاب - رغم أن كل ذلك لا يخيفني – أو حتى من أجل أن اُبعد عني بعض اللوم من بعض الزملاء.
العدالة الانتقالية لها أبعاد كثيرة فمنها ما يتعلق بالجانب السياسي وأخرى بالجانب الاقتصادي وثالثة متعلقة بالجانب الاجتماعي ورابعة لها علاقة بالجانب الإنساني وخامسة بالجانب الروحي والنفسي وووو... والعدالة الانتقالية في أي بلد بحاجة إلى إرادة صادقة والى مؤسسات ومحاكم وقوانين تُشرّع من اجل تحقيقها في أي مجتمع أو بلد ما، ولعل التجارب الدولية في هذا المجال كثيرة ومتعددة ومتباينة، بدءا من محاكم "نورمبورغ" ومرورا بجنوب إفريقيا  وأوروبا الشرقية والعراق وانتهاء بمصر. لسنا هنا بصدد تقييم هذه التجارب المختلفة في العالم، بقدر ما نريد أن نسلط الأضواء على التجربة العراقية باعتبارها تجربة حديثة ونحن من ضحايا هذه التجربة ولدينا معلومات لا بأس بها، ولعل هذه المعلومات تساعدنا في سبر أغوار هذه التجربة.لا أحد يُنكر أن العراق والمجتمع العراقي تعرّض إلى أقسى حالات التجاوز، ولعل تجربته أغرب وأقسى تجربة عُرفت خلال العصر الحديث، حتى أن الأوراق والكتب بل والخيال يعجز عن أن يصوّر أو أن يسجّل الانتهاكات التي تعرّض لها العراقيون. أقول إذا كانت الانتهاكات بهذا الحجم وبهذا القدر فينبغي أن تأتي إجراءات العدالة الانتقالية في العراق بقدر هذه الانتهاكات أو على الأقل قريبة من هذه التجاوزات باعتبار أن أي عدالة – عدا عدالة الله – غير قادرة من الناحية الواقعية أو المادية أن تعوّض الإنسان عما لحق به وتعرّض له، لكنّ عدم القدرة في هذا المجال لا تمنع من تقديم أي مساعدة في رفع الحيف عن هؤلاء الناس، وهذا العجز لا يُعطي أي مبرر أو مسوغ للتهاون في عدم إعطاء ذوي الضحايا حقوقهم وتعويضهم عما لحق بهم، وألا تصبح عملية التحول والتغيير الحاصل غير ذات جدوى، وبالتالي فانّ الأفراد والمجتمع الذين تعرّضوا للاضطهاد والاعتداء والتجاوز عليهم سينكفئون على أنفسهم وستترتب على ذلك أمور كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر الآتي:1-الأفراد والمجتمع الذي تعرّض للأذى سيفقد الثقة بالسلطة الجديدة، وهذا الأمر سيقود بالنتيجة إلى عزوف الناس وعدم التعاون مع السلطة الجديدة وعملية التغيير، وربما يجعل البعض أن يضطر لكي يأخذ حقه بيده دون الرجوع إلى المحاكم  والمؤسسات المختصة في هذا المجال، وهذا بدوره سيجرنا إلى الفوضى والتجاوز مرة ثانية وسندخل في دوامة جديدة لا يمكن لها أن تنتهي إلا بإقامة العدالة.2-الأفراد والأشخاص والأحزاب والجهات التي اعتدت على الناس والبلد ستبقى تحاول إعادة الكرة ثانية، بل وربما ستساهم هذه الجهات في عدم استقرار البلد من خلال وسائل متعددة وهذا ما يحصل فعلا في العراق، فتنظيمات البعث ومن لف لفهم يساهمون اليوم في عدم استقرار العراق سواء من خلال العمليات الإرهابية وتمويلها، أو من خلال بث الشائعات والتعاون والتحالف مع قوى الإرهاب، أو من خلال التخريب والفساد بجميع أشكاله الذي يجري على قدم وساق في كل مؤسسات ووزارات البلد، باعتبار أن الكثير من هؤلاء يعششون في كل مكان وزاوية من البلد، وهذا الأمر هو الآخر سيجعل من عملية التغيير عملية غير مضمونة، إن لم تفشل فعليا في المستقبل القريب.3-هذا الأمر من عدم الاهتمام وعدم تحقيق عدالة ولو نسبية في المجتمع سيؤدي إلى اختزان هذه التجربة السلبية في  ذاكرة الأمة، وهذا الأمر سيؤسس بل وسيقود في المستقبل إلى ابتعاد الناس عن الاهتمام بأمر الأمة والوطن، من قبل أمور، كالتضحية والإيثار من اجل البلد والوطن، ولا أكتمكم سرا إذا قلت إنني من الناس الذين يُحسون بهذا الأمر، ومن الذين يعتقدون أن على المرء أن لا يستعجل في هذا المجال ويسبب الأذى والحرمان لعائلته وأهله، بل على الإنسان أن يتروى في هذا المجال، باعتبار أن كل شيء هو أمر نسبي.4-إذا لم يتحقق شيء مقبول من العدالة الانتقالية فان المجتمع والدولة الجديدة أو بالأحرى التجربة الجديدة ستصاب بالتعثر و  لن تستقر الأوضاع، وهذا سيقود بالضرورة في المستقبل القريب إلى تغيير جديد، وسنبقى في هذه الدوامة إلى أن يتحقق تغيير حقيقي يُرجع للناس حقوقها.في حالة العراق يمكن القول إن ما تحقق من عدالة انتقالية لا يمكن تحسسه أو حتى لا يمكن إطلاق كلمة عدالة عليه، فعلى المستوى الواقعي يشتكي الكثير من أفراد عوائل الشهداء من أنهم يخافون أن يقولوا إنهم من عوائل الشهداء، بل وصل الأمر إلى أن بعض هؤلاء  الأفراد لم يستطيعوا أن يُرجعوا وثائقهم الرسمية التي صادرها النظام السابق كما هو حاصل مع الكرد الفيلية وبعض المهجرين. البعض الآخر من عوائل الشهداء والمضطهدين والسجناء السياسيين لم يستطيعوا أن يُرجعوا بيوتهم وممتلكاتهم حتى اللحظة.الكثير من السجناء السياسيين وعوائل الشهداء لم تُستكمل معاملاتهم بحيث أن بعض السجناء والمعتقلين مازالت معاملاتهم لم تُحسم منذ خمس وست سنوات، والكث

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram