 وديع غزوان رغم  صور المأساة  والمرارة والوجع التي تحتفظ بها الذاكرة الكردية  جراء نضال طويل حافل بالتضحيات امتدت طوال شهور السنة ، يبقى لآذار طابعه الخاص والمتميز .  ففي هذا الشهر العديد من المحطات التي تحمل كل واحدة منها أكثر من درس ،فمن  ذكرى الحادي عشر من آذار إلى الانتفاضة إلى احتفالات نوروز مروراً بذكرى قصف حلبجة الشهيدة بالكيماوي أكثر من عبرة يتبين من خلالها البعض مواقع أقدامهم بعد أن تفتحت أمامهم فرص القيادة في العراق .
كنت قد عزمت الكتابة عن الانتفاضة مع ذكرى حلبجة ولكن مقال الأستاذ فخري المنشور أول  من أمس نبهني إلى خطأ تفكيري ، خاصة أنها  ،أي الانتفاضة وليس في ذلك من مبالغة وما تبعها من تشكيل أول برلمان لكردستان  لم ترسم طريق المستقبل لكردستان فحسب ، بل كانت منطلقاً وبشارة فجر العراق الجديد.  في آذار ورغم الجرائم وحملات القمع والإبادة التي تعرض لها الكردستانيون منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى ، بقوا متوازني النظرة للعراق حتى بعد الاستقرار النسبي الذي تحقق للإقليم بعد قرار الحماية الأممية في ما عرف بخطوط الطول والعرض  وما أتاحته انتفاضة  الكرد الباسلة في الأول من آذار  من فرص بناء لتجربة بعيدة المنال في كل الاعتبارات.و كان ذلك مدعاة أكثر  إلى التحسب للمخاطر وهي كثيرة  وما تفرضه من ضرورات المهادنة وتقديم بعض التنازلات ، لكنّ أحداً في كردستان لم يهادن أو يساوم على مصالح العراق  وشعبه بكل مكوناته آنذاك انطلاقاً من إيمان عميق بأن ما يربط العراقيين واحد لايتجزأ . لم يكن في ذلك الوقت  من رهان على غير الأمل بتحقيق تغيير في العراق نعرف جميعاً صعوبة تحقيقه ، لذا فإن تجربة في بداية انطلاق انتفاضتها عام 1991 كالتجربة الكردستانية  كان عليها أن تحسب ألف حساب وهي تختار موقفها من نظام عرف كيف يطيل عمره وفي ظل مواقف دولية يصعب الرهان عليها في ظل معادلات دولية معيارها الأول المصالح  قبل كل شيء ، فكان خيار كردستان يليق بتاريخهم المشترك كجزء أساسي من شعب العراق . ليس  في ما نقوله ادعاء فالشواهد كثيرة ومعروفة للكثير حتى لمن يحاول القفز عليها بحجج نأسف أن نقول إنها تذكرنا بثقافات مريضة ما زالت تعشش في عقول البعض لاتؤمن بحقوق الآخر مهما ادعت أو نادت بشعارات .  من المؤسف أن نجد البعض يتعمد تزييف الحقائق ولايتورع عن استغلال كل مناسبة للتشكيك بالموقف الكردستاني سواء ما يتعلق بالموقف من ملف النفط   الذي هو محل انتقاد كتل وشخصيات أخرى حليفة ومنضوية في نفس كتلة الدكتور حسين الشهرستاني البرلمانية أم بالنسبة لاتفاقية أربيل التي على أساسها تشكلت الحكومة أم المادة 140 وغيرها .  كنا نتمنى أن يكون آذار مناسبة لتأكيد مسؤولية الجميع ، خاصة وسائل الإعلام ، لترسيخ قيم وحدة العراق وشعبه بمختلف مكوناته من خلال نقل صور وحكايات تعزز احترام الآخر ، خاصة أن كردستان اعتادت على أن يتسع حضنها في هذا الشهر ليضم كل العراقيين بمختلف انتماءاتهم .