 ميسان / رعد شاكر الصدفة وحدها كشفت عن بعض خفايا مشروع بناية وحدة المفراس الحلزوني في مستشفى الزهراوي الجراحي بمحافظة ميسان، من خلال حديث دار عن خطورة العمل في مكان ملوث بالإشعاع، بين مجموعة من الأصدقاء كانوا يجلسون حول مائدة في إحدى الكازينوهات وسط مدينة العمارة.
وبدا واضحا من سياق الحديث أن أحد هؤلاء الشباب كان من العاملين في وحدة المفراس المذكورة، إذ كان يشكو لأصدقائه قلقه وهواجسه وخشيته من الإصابة بالأورام الخبيثة بسبب وجود تسرب إشعاعي في هذه الوحدة، وإن الجهات المعنية في المستشفى لم تول الموضوع الاهتمام اللازم.وفيما تباينت تعليقات أصدقائه بين من شجعه على إيصال صوته ومعلوماته إلى أعلى الجهات الصحية والبيئية، وبين من نصحه بتقديم طلب نقل إلى مكان آخر، دفعنا الفضول الصحفي إلى الاقتراب من طاولة الشباب، إلا أن الشاب المعني رفض الخوض في الحديث، واقترح التوجه إلى مديرية بيئة ميسان لأنهم على دراية بالأمر، بحسب ما قال لـ"المدى".في بيئة ميسانمدير بيئة ميسان المهندس سمير عبود عبد الغفور أوضح لـ"المدى"، أن "جهاز المفراس الحلزوني سليم، والتسرب الحاصل هو بسبب خلل في تنفيذ تغليف البناية بالمواد العازلة".وأشار إلى أنه "بتاريخ 7/8/2011 وبناء على طلب دائرة صحة ميسان، قام فريق من شعبة الوقاية من الإشعاع في المديرية بإجراء الفحوصات على جهاز المفراس الحلزوني والبناية التي يشغلها والغرف الملحقة بها، وتبين وجود تسرب إشعاعي من عدة أماكن، وتم تثبيت ذلك في تقرير مفصل مع التوصيات وتسليم نسخة منه إلى دائرة الصحة". وبين عبد الغفور أن التوصيات تضمنت التوجيه بإعادة تغليف أماكن التسرب بمادة الرصاص، واستبدال الزجاج الرصاصي لشباك غرفة الفاحص.الفحص الثانيوقال: "بتاريخ 4/9/2011 طلبت دائرة صحة ميسان إجراء كشف جديد على البناية بعد أن أخذت بالتوصيات الواردة في التقرير، وبعد إجراء الكشف الثاني تبين أن التسرب الإشعاعي ما زال موجودا داخل غرفة المراقبة وعدة مناطق أخرى".وأضاف عبد الغفور أن مديريته أوصت في تقريرها الثاني بـ"طلب مخططات البناء، وعدم تشغيل الجهاز إلا بعد اتخاذ احتياطات عدة تضمنها التقرير، إضافة إلى إعلام مديرية البيئة حال إكمال تغليف المواقع المذكورة في التقرير"، مشيرا إلى أن "إدارة المستشفى  شككت بتقريرنا، وعمدت إلى الطلب من بيئة البصرة القيام بالفحص". وتابع بالقول: إن "مسؤول شعبة الإشعاع في مديرية بيئة البصرة خاجاك فروير وارتانيان، قدم إلى ميسان وأجرى كشفا على وحدة المفراس وجاءت نتائج فحصه مطابقة لتقرير مديريتنا"، مضيفا أن "وارتانيان هو الآخر طلب خرائط البناية ليتمكن من كتابة تقريره وتثبيت أماكن التسرب ولكنهم لم يرفدوه بها، فعاد إلى البصرة دون كتابة تقرير الفحص".الفحص الثالثالملفت للانتباه أن دائرة صحة ميسان وجهت كتابا ثالثا إلى مديرية بيئة المحافظة بتاريخ 9/10/2011، جاء فيه "تم إعلام وزارة الصحة بخصوص تسرب الإشعاع في بناية المفراس الحلزوني، وسوف تقوم دائرة الأمور الفنية في الوزارة بإرسال فريق متخصص في حقل الإشعاع"، وهو ما يثير تساؤل مفاده إذا كان لوزارة الصحة فريق مختص بالمجال الإشعاعي فما الذي يدعو دائرة صحة ميسان لمفاتحة مديرية لإجراء الفحص على البناية المذكورة. ولفت عبد الغفور إلى أن مديريته فاتحت وزارة البيئة بشأن إرسال فريق للكشف على بناية المفراس الحلزوني، مؤكدا أن الوزارة أرسلت بدورها فريقا فنيا مختصا قام بإجراء الكشف وأصدر تقريرا يفيد بأن التسرب المسجل ضمن المسموح به.الفحص الرابعشكوك العاملين في وحدة المفراس ظلت قائمة بخصوص وجود تسرب إشعاعي ولم يطمئنوا إلى أسلوب معالجة نقاط التسرب، وهذا ما يؤكده كتاب دائرة صحة ميسان الرابع إلى مديرية البيئة المؤرخ في 8/2/2012، والمتضمن طلبا بإجراء فحص موقعي جديد لبناية المفراس، إلا أن المديرية لم ترسل فريقا منها، وخاطبت وزارة البيئة لإيفاد فريق آخر من مركز الوقاية من الإشعاع التابع لها لإجراء الفحوصات. وبين عبد الغفور أن فريق مركز الوقاية من الإشعاع قدم من بغداد بتاريخ 18/2/2012 وأجرى فحوصاته وعاد من حيث أتى على أن يقدم تقريرا مفصلا بالنتائج لاحقا إلى مديرية البيئة وإدارة المستشفى، وبالرغم من الاتصالات المستمرة مع مديرية بيئة ميسان ولغاية ساعة إعداد هذا التقرير بشأن معرفة نتائج الفحوصات إلا أن تقرير الفريق لم يصل.وأكد أنه كرر مطالباته للفريق بضرورة الإسراع بإرسال التقرير للوقوف على النتائج، لكن دون جدوى.تعتيم على النتائجبعض التقنيين الطبيين العاملين في وحدة المفراس الذين التقتهم "المدى" خارج المستشفى، أكدوا بدورهم "مماطلة فريق وزارة البيئة في الكشف عن نتائج الفحوصات"، مرجحين أن تكون نتائج الفحوصات أثبتت وجود تسرب إشعاعي "لكن الفريق لا يكشف عن ذلك لكي لا يضعوا زملاءهم في الفريق السابق الذي وصف التسرب بأنه ضمن المسموح، في موقف محرج"، على حد قولهم.المستشفى مقاولمدير القسم الهندسي في دائرة صحة ميسان كشف لـ&quo