TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات: المواطن أولاً

كردستانيات: المواطن أولاً

نشر في: 13 مارس, 2012: 07:52 م

 وديع غزوان رغم كل ما قيل ويقال عما اصطلح على تسميته بالربيع العربي وما رافقه وأعقبه من متغيرات، فإن الحقيقة التي بانت ساطعة هو أن هذا الربيع أعاد الاعتبار بشكل ما للجماهير وثقلها في إحداث التغييرات بعد عقود طويلة من تسلط أنظمة الاستبداد  عليها وسلبها إرادتها.
 فالثورات في تونس و مصر وليبيا واليمن ما كان لها أن تتحقق لولا فعل الشباب وسيطرتهم شبه المطلقة على المشهد. وبقدر أهمية ما تحقق في العراق بعد 2003 فإن الأمر الذي يثير العجب أكثر من غيره هو تلك الممارسات الغريبة لبعض السياسيين وتعمدهم بين حين وآخر تأكيد ابتعادهم ومغادرتهم رصيدهم الحقيقي ونعني به المواطنين، وعدم تكليف أنفسهم عناء تنظيم لقاءات دورية معهم تخفف عنهم مرارة خيبة الأمل في من وثقوا بهم وعدم مبالاتهم بما يواجهونه من أزمات حادة في مختلف الصعد.  الأمثلة كثيرة على ذلك وقد يكون عدد السيارات المصفحة المخصصة للمسؤولين التي تتجاوز بحسب تقرير نشرته إحدى الفضائيات الـ 11" ألف سيارة بمبلغ تقديري يتجاوز الملياري دولار دليلا واحدا على  مفاسد وانتهاكات للمال العام وحقوق المواطن المبتلي، ومع ذلك فإن هذه القضية ما زالت موضع شك في مدى جدية استجابة مجلس النواب لاحتجاجات الشارع الشعبي وغضبه جراء صفقة شراء مصفحات أخرى خاصة وان البعض أشار إلى أنها تحتاج إلى مخرج قانوني  لإلغائها كونها أدرجت ضمن أبواب الموازنة المصادق عليها أصلا. وسط كل تلك الصور المأساوية التي تطالعنا بشكل يكاد  يكون يومياً أقرأ أخبارا عن زيارة مسؤولين من إقليم كردستان قرى ومناطق نائية في أربيل والسليمانية  ودهوك واللقاء مع مجاميع من الشباب وممثلي منظمات المجتمع المدني، ومناقشة عدد من المشاكل معهم. ومع أن هذه اللقاءات مناسبية وارتبطت بذكرى الانتفاضة، فإنها تأتي لتجديد أواصر العلاقة مع المواطنين على أساس الثقة ومنحهم جرعات أمل أنهم وليس غيرهم من يصنع الغد ويعطي الشرعية لأي نظام.ولأن لتجربة كردستان خصوصيتها في قلب كل عراقي بما حققته من تطورات على مختلف الصعد رغم محاولات البعض  تشويه تلك الصورة،  فإننا نتمنى على المسؤولين فيها أن يكثفوا مثل هذه اللقاءات المباشرة والعفوية والتركيز على المواطنين في القرى والقصبات البعيدة  بشكل خاص، والابتعاد بها عن المظهرية التي تفقدها الكثير من معانيها النبيلة.ما نتمناه كعراقيين، إعادة الحياة لقيم العمل السياسي بوجهها المشرق،مع ما تفرضه السياسة من  دهاء وحكمة وما تقتضيه من خفايا وأسرار، لكن هذا  لا ينطبق على العلاقة مع الشعب بل لا يجوز أن يسود حتى بين الفرقاء السياسيين،  وهذا لا يتحقق دون لقاءات صميمية وصادقة مع المواطنين لأنها الكفيلة  بتحصين السياسي من الوقوع في براثن مغريات السلطة وتعطيه المؤشر الواضح عن مدى اقترابه وابتعاده عنهم، فلنجعل المواطن الأول في أجندات أعمالنا فبدونه لا تساوي السياسة  شيئاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram