اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > آلاف الجـــــداريات في بغداد من دون تراخيص حكـــومية

آلاف الجـــــداريات في بغداد من دون تراخيص حكـــومية

نشر في: 13 مارس, 2012: 10:12 م

 بغداد/ وائل نعمة هرع المارة وانتشروا في الأزقة، تناثرت جثث الأطفال وتطايرت عباءات النساء، دفع عصف الانفجار طاولة البقال الخشبية، وسقطت أجزاء من بعض البنايات، وتهشّم زجاج المتاجر. التصق على أطراف مملكته التي يعيش في داخلها منذ سنوات بعض بقع الدم ، وثقبت شظايا انفجار الشاحنة المفخخة جزءاً من ممتلكاته،
لم يبالِ لما آلت إليه الأمور في معقله، وحبس دمعه خوفا من أن يشاهده المصابون ومبتورو الأطراف ، وهو يعتصر ألماً على حال البلاد... شاهد يفضّل الصمت! حوادث عديدة كان شاهدها في ذلك الحين شابا في العشرينيات يسكن داخل إطار حديدي على جدارية "فلكس" بيضاء تحولت بمرور الزمن إلى لون مصفر باهت واختفت حروف اسمه وما بقي منها "الشهيد علي... استشهد عام 2006 في انفجار سيارة مفخخة"، يرتفع إلى مسافة المترين عن الأرض وتسنده من الأسفل منصة كونكريتية تشبه القبر، يتوسط شارعا مهما في بغداد، حدث فيه الكثير من المتغيرات خلال السنوات الماضية، وظل الشهيد علي وحيدا أمام تلك المجريات الغريبة خلال الأيام الأولى من مكانه الجديد.ماذا بعد حظر التجوال؟ كان يخشى حظر التجوال حين يختفي المارة والمتبضعون هرباً إلى منازلهم قبل حلول الليل، وتبدأ دراما القتل والمواجهات بين الشرطة والأمريكان ومسلحين ملثمين، لم يستطع أن يرشد الجهات الأمنية إلى مكان العبوات والسيارات المفخخة التي يرى عملية تفخيخها قبيل الفجر، ولم تجد صرخاته نفعا لتنبيه الجمهور المحتشد أمام متجر لبيع الملابس، بينما مؤقت سيارة ملغومة في خلفهم  يصل إلى نقطة الانفجار، وعجز عن الإشارة الى حاملي كواتم الصوت ومغتالي شرطة المرور ، ومواكب بعض المسؤولين التي تعتدي على المواطنين وتستغل سلطتها للسرقة والقتل... كوارث مرت أمام أنظاره وهو صامت لا ينبس ببنت شفة، حتى ازداد عدد الصامتين بجواره يوما بعد آخر، حينما رفعت صور شهداء جدد بقربه في الشارع وبدأوا يزاحمونه. همس الشهداء يتهامس الشهداء في ما بينهم، يقول "المغدور" في عام 2007 "شاهدت قاتلي مرّ قبل أيام من أمامي... ما زال حرا طليقا"، يجيبه آخر "ربما هرب من السجن سمعت الكثير عن هذه الحوادث". ظل ضحايا الإرهاب ينتقدون ما يجري في البلاد وهم معلقون على الأعمدة ،هم اصدق الشهود، ولديهم تمييز كبير بين الصادق والكاذب ، وبين البريء ومن تلطخت يداه بدماء العراقيين ويمد يده للمصالحة الوطنية، حتى عكر صفوهم صورة شاب جديد أضيف مؤخرا الى الشارع والى قائمة الشهداء، رفع سلاحا بوجه الجميع واسند ظهره على جدارية خضراء يقف على أطرافها رموز دينية.يقول ( م . س ) صاحب متجر في الشارع الذي وضع فيه الصورة الجديدة "أتذكر هذا الشاب بشكل جديد ، قبل سنوات كانت نساء المنطقة تنطلق إلى حفلة (حنة) شقيقته ، وهو منهمك في زرع عبوة على الطريق العام".ويضيف صاحب المتجر وقد اكتفى بذكر حروف من اسمه " اخطأ في وضع القنبلة وانفجرت بوجهه ...حينها اعتبر شهيداً، رغم أننا لم نكن ندرك العبوة كانت تستهدف من؟".التخليد لمن؟ يشير رئيس المجلس البلدي في منطقة حي الرسالة إلى أن من حق أي دولة أن تفتخر بشهدائها وتخلد ذكراهم ، شريطة أن يكون رمزا حقيقيا وليس إرهابياً!عبد مناف عبد الكاظم أكد لـ"المدى " وجود الكثير من الصور المنتشرة في بغداد ، غير معروف صاحبها إن كان شهيدا ام مجرما يتحمل مسؤولية قتل عشرات الاشخاص. ويضيف " لسنا ضد صور الشهداء ، ولكن على أن تكون ضمن ضوابط وموافقات رسمية".ويروي احد الرجال في منطقة شعبية شرقي العاصمة حادثة غريبة حصلت لأحد الشباب العاملين في سوق لبيع الخضار "تعرض البائع الى أزمة ونزف انفه دما، وتوفي في الحال بعد أن ارتفع ضغط الدم بشكل كبير" ، ويضيف الرجل لـ"المدى" رافضا ذكر اسمه " تفاجئنا في اليوم الثاني أن أصدقاءه وأهله يقولون بأنهم اكتشفوا حينما ذهبوا لدفنه بأنه مصاب بطلق ناري من مسدس كاتم" ، بينما الشاهد يؤكد أن هذا الأمر لم يحدث مطلقا، وأنهم اخترعوا هذه القصة من اجل اعتباره شهيدا ويعلقوا له صورة في وسط الشارع يكتب أسفلها "الشهيد السعيد " على حد قوله.سياسية غض البصر! فيما يرى ملحان الشبلاوي عضو المجلس البلدي لمنطقة حي الجهاد أن "يصار إلى تنسيق بين الجهات البلدية ومؤسسة الشهداء في تحديد أسماء الأشخاص الموضوعة صورهم ، بموافقة رسمية وبأرقام تنظيمية ".الشبلاوي وهو رئيس اللجنة الأمنية في المجلس يؤكد في حديثه مع "المدى" أن الصور الموجودة في الشوارع والتقاطعات غير مرخصة"، مضيفا "نحن نغض النظر عن وجودها تكريما لأهالي الشهداء الذين لم يحصلوا على تعويضات حكومية مناسبة".يذكر أن مجلس الوزراء اصدر في الـ26 من تشرين الأول من العام 2009 قانون رقم 20 القاضي بتعويض المتضررين من العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات، ونص القانون على تعويض قتلى تلك العمليات بثلاثة ملايين و750 ألف دينار وشمولهم براتب تقاعدي وقطعة ارض سكنية، فيما يعوض الجرحى حسب درجة العوق التي تعرض لها.فيما ينتقد شقيق احد الشهداء في منطقة حي العام

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram