أحمد عبد الحسينالصديق الشاعر وليد حسين ـ وهو الناطق الإعلاميّ باسم وزير التربية ـ قدّم أمس اقتراحاً للوزير يقضي بأن يكون لطلبة العراق زيّ موحّد أسوة بطلبة الجامعة.قرأت ذلك أمس في الموقع الإلكتروني لوكالة شفق الإخبارية.
الخبر ـ إلى هذا الحدّ ـ مستساغ، رغم أنه يكشف اهتمام الوزارة غير المسبوق بما يلبس الطلبة ومراقبة أزيائهم، خاصة بعد تعميمات الوزارة إلى المدارس بملاحقة القمصان السود والسراويل الضيّقة والشعر الطويل وسائر المظاهر التي تذكّر بما يلبس جماعة "إيمو" التي هي ـ بالإضافة إلى القمة العربية المقبلة ـ الشغل الشاغل لحكومتنا الرشيدة.غرابة الخبر في الألوان التي اقترحها الزميل وليد حسين، والأسباب الموجبة التي أوردها لانتقائه ألواناً دون غيرها، قال إنه "رفع كتاباً لوزير التربية اقترح فيه زياً موحداً لجميع الطلبة من اللونين الرصاصي والأصفر، لأن اللون الأخير "يسرّ الناظرين" وفق الآية الكريمة في سورة البقرة".كثرتْ الضغوط على طلبتنا، واليوم نريدهم أن يلبسوا لوناً يشبه لون بقرة موسى عليه السلام، لا لسبب إلا لأنها "تسرّ الناظرين"، رغم أن هناك خللاً بيّناً في فهم الآية القرآنية، فالآية لم تقل إن اللون يسرّ الناظرين بل البقرة نفسها، فهي لها ميزات كثيرة عدّدها موسى لقومه ومن بينها اللون الأصفر الفاقع، فلماذا نريد لأبنائنا أن يتشبهوا ببقرة ـ حتى لو كانت تلك البقرة محلاً لظهور معجزة في الزمن الغابر؟عرفنا سبب اختياره اللون الأصفر الفاقع الذي سيجعل مرأى أبنائنا "يسرّ الناظرين" كما بقرة موسى "ع" فلماذا الرصاصيّ؟أخشى أن يحاول صديقي الشاعر الناطق باسم الوزير أن يسوّغ لنا اللون الرصاصيّ باعتباره ـ مثلاً مثلاً ـ لون رماد نار إبراهيم "ع" المذكورة في القرآن الكريم.لن يكون اجتماع الرصاصيّ والأصفر متناسقاً، حتى لو فرضنا أنهما لونان "مقدّسان"، لكنّ وجودهما معاً سيبدو مضحكاً ولن يبعث السرور لدى الناظرين.نصيحتي لصديقي الشاعر ترك الطلبة وشأنهم في ما يلبسون، ليسوا أبقاراً ليبدو عليهم اللون الأصفر سارّاً، وليسوا مشبوهين لتلاحقهم الداخلية والتربية وتفرض عليهم ألوان ملابسهم وطريقة تسريح شعرهم، يكفيهم أنهم يحاولون أن يكونوا نافعين مستقبلاً في حاضر أسود كالذي نحياه، يكفيهم أنّ الآفاق مسدودة في وجوههم، يكفيهم أنهم يدرسون في بيوتهم الخالية من الكهرباء أغلب الأوقات، وفي صفوفهم المدرسية الخالية من كل مستلزمات الدراسة السويّة. كفى تصريحات بطرانة واقتراحات ماسخة توحي أن كلّ شيء وُفّر لطلبتنا ولم يبق إلا اللون الرصاصي ليكتمل التعليم في العراق.لا تزيدوا الضغوط عليهم. اجعلوهم يلبسون ما يسرّهم لا ما يسرّنا ـ نحن الناظرين ـ!! اعتذار الى العلوم السياسيةأمس في عمودي المعنون "محطمو الأصنام" ارتكبتُ خطأ غير مقصود، ذكرت أن الكلية التي حُطّم فيها التمثال هي كلية العلوم السياسيّة، والصحيح أنها "كلية العلوم" - جامعة بغداد.لا أعرف كيف تآمرتْ يدي مع الكيبورد على توريطي وتوريط كلية العلوم السياسية في هذا الأمر. أعتذر لكلية العلوم السياسية كادراً تدريسياً وطلبة عن خطئي هذا، راجياً منهم قبول الاعتذار.
قرطاس: أبقارنا المقدّسة
نشر في: 14 مارس, 2012: 08:56 م