TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > مالك بن نبي يُرثي عـبـد السـلام عــارف !

مالك بن نبي يُرثي عـبـد السـلام عــارف !

نشر في: 14 مارس, 2012: 09:20 م

محمد غازي الاخرسقلت لكم مرة إنني لا أمل ولا أكل من الإقعاء بحثا عن الانتيكات الثقافية وغالبا ما أخرج وفي جعبتي شيء منها ، شيء قد يفطس المرء من الضحك على المفارقات التي يحويها .قبل أسابيع مثلا عثرت على نسخ قديمة من مجلة ( الأقلام) تعود لبدايات انطلاقها ومن بينها عدد أضحكني حدّ أنني لم أتمالك نفسي فبحثت عمن يشاركني المتعة ولم أجد سوى أم عيالي .
قلت لها ـ انظري لهذا العدد يا عزيزتي واحزري لأيّ مناسبة خصصه المحررون ! وإذ لم تتفاعل بشكل جيد اضطررت لشرح الأمر فقرأت لها ما كتب على الغلاف ؛ الأقلام ، الجزء العاشر ، السنة الثانية ، حزيران 1966 ، عدد خاص بمناسبة مرور أربعين يوما على استشهاد المشير الركن عبد السلام محمد عارف!ثم قلت ـ لا عليك يا عزيزتي من هيئة التحرير التي كان من بينها شاذل طاقة وأحمد شاكر شلال وأحمد مطلوب ، بل انتبهي للفهرست في نهاية العدد وفيه كلمات لوفود من بلدان عربية وإسلامية كثيرة تتبعها قصائد رثاء كتبها شعراء عرب أستحي من ذكر بعض أسمائهم!نعم ، لقد رثاه شاعر مثل حافظ جميل وآخر مثل عزيز أباظة وتغنّى بمآثره شاعر مثل علي أحمد باكثير وآخر كصالح جودة . لا بل أن مفكرا كبيرا مثل مالك بن بني قال فيه ؛ " باسم الجزائر العربية المسلمة التي أرادت أن تقف اليوم مع العروبة جنبا إلى جنب لتأبين الفقيد الكبير الجليل عبد السلام عارف أحيي روحه ، وأترحم عليه وأجدني هنا أود لو كنت شاعرا كمن سبقني لأطلق العنان لعواطفي ..) .ليس هذا حسب بل أن مالك بن نبي يقول ؛ ( وكما أننا نشعر أيضا أن الخبرات التي اكتسبها هذا الجيل الذي ترعرع الفقيد الكبير في صفوفه وجاهد في صفوفه هذه الخبرات الكبيرة جعلته كأنه الجسر الذي لا بد أن يعبره التاريخ لنقل المجتمع العربي من المستوى الذي وجد فيه نفسه في ربقة الاستعمار إلى مكان يحقق فيه كرامته ويحقق بفضل نضاله حقوقه أننا نرى أنفسنا في هذه المنصة مدينين إلى مثل هذا الفقيد العظيم ..) .صدقوا ذلك ، المتحدث هنا هو مالك بن نبي لا غيره ، المفكر الإصلاحي العظيم الذي يعده المثقفون العرب واحدا من أهم دعاة الإصلاح الاجتماعي، هو ذاته صاحب ( مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي ) يطري عبد السلام عارف ويعدّه جسرا (تاريخيا) لنقل المجتمع العربي من مستوى إلى آخر أرقى .الحق أنني حين قرأت المرثية التي تبدو من لغتها الركيكة مرتجلة وبنت لحظتها ، تذكرت النماذج المشابهة التي طالما صدمنا بها ابتداء من محمد عابد الجابري وجورج طرابيشي ، مرورا بإدوارد سعيد وأنسي الحاج وليس انتهاء بكمال أبو ديب وأدونيس ، فجميع هؤلاء المفكرين يبدون ضحايا مثاليين لازدواج لا حل له فهم يدعون ، في كتاباتهم وتنظيراتهم، لشيء ثم تفاجأ بمواقفهم السياسية التي تناقض كل ما يدعون له .المفكر كنعان مكية تحدث عن مثل هذا الأمر في (القسوة والصمت)، كاشفا عن عورة كبار المثقفين العرب ، أولئك الذين أحرجتهم لحظة احتلال الكويت فتعروا بطريقة مخزية ووقفوا إلى جانب الطغيان وأعلنوا عن ذلك صراحة. والأنكى من ذلك أنهم تناسوا تلك اللحظة الفضائحية ولم يراجعوها بل أنهم اليوم يكررونها بحذافيرها في هذه التجربة (الربيعية) أو تلك. وهذا يدل دلالة لا لبس فيها أن أزمة المثقف العربي مستحكمة وهي لن تحلّ ما لم يغادرنا جيل الأحزاب والدولة الذي يقودنا منذ الستينيات وإلى اليوم .في حفل التأبين نفسه يلقي إبراهيم مدكور كلمة مجمع اللغة العربية فيشيد بعارف ويصفه بـ(راعي المجمع ) ثم يقرأ عزيز أباظة قصيدة يقول في بعض أبياتها ؛ ( إيه يا عبد السلام يا قائم الليل قميئا للواحد الخلاق ..تتنزى على مصلاك كالمحموم من خشية ومن إشفاق ..بيديك التنزيل تنهل نور الله منه والدمع ملء المآقي ) .أما يوسف السباعي فيقول ؛ ( وقام عبد السلام عارف يدافع عن العراق محنة البطش والإرهاب والإفساد ويرقأ الدم الطاهر الذي راح يهدر بلا حساب في أيام انحراف الثورة المجيدة التي قادها البطل في أيامها الأولى).ماذا عن الدماء التي سفكها لاحقا؟ماذا عن البلد الذي سلمه للأوباش والقتلة؟ماذا عن .. ماذا عن؟ماذا عن أعداد (الأقلام) الأخرى التي أضحكتني حد اللعنة يا أم العيال؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram