TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : الفصيح والشعبي.. من يلمّع من؟

سلاما ياعراق : الفصيح والشعبي.. من يلمّع من؟

نشر في: 14 مارس, 2012: 10:00 م

 هاشم العقابيكان عمري 16 عاما، يوم تقدمت بطلب للانتماء لجمعية الشعراء الشعبيين. رد طلبي تحت حجة  أني تحت السن "القانونية". بعدها اعتذر لي رئيس الجمعية لأن النظام الداخلي لم يكن يشترط سنا معينة على الأعضاء. كانت المحنة الأكبر هي ان اثبت أني "كلاسيكي".
 وهذه تعني أن أجيد نظم القصيدة الشعبية العمودية. التزام بالوزن والقافية. في الواقع كان هذا أسهل بكثير من كتابة القصيدة "الحديثة" على الطريقة التي بها مظفر النواب. ولكي اثبت "كلاسيكيتي" كان يجب عليّ ان اخضع لاختبار. وفي الاختبار قدم لي الممتحن قصيدة "قفا نبك" وقال لي: اتفضل لمّعها. أكاد أتذكر ما أجبت به، رغم سذاجته:أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل  واح چيها بالمكشوف يالخنتي بيه أغرك مني أن حبك قاتليو جـلبي اذا تأمريه يحكم عليه    وإن تك قد ساءتك مني خليقة   صد كـيني بالعباس آنه خطيه   وما ذرفت عيناك إلا لتضربي   بسهمچ بنص حشاي ذبني رميهاليوم وبعد هذا العمر الطويل، تساءلت ولو متأخرا: ماذا كان يقصد بـ "لمّعها". هل يعني اجعلها تلمع. او "تبرج" كما نقول بالشعبي. لم اسأل هذا السؤال رغم انه في ذلك الزمان قد انتشر نوع من الشعر سمي "الملمّع". بحثت في القواميس فوجدت ان الاسم لم يأخذ من التلميع" اي"التبولش". الرجل قطعا لم يقصد ان هاك امسك قصيدة امرئ القيس و "بولشها". ما وجدته هو ان الملمّع صفة فصحى تطلق على الشيء الذي فيه لون يخالف سائر لونه. لذا، وكما يبدو، ان الشعر الملمّع سمي كذلك لانه مزيج من لونين: فصيح وشعبي. وهو ليس "الخبط" الذي يعني المزج كيفما اتفق، بل له أصول محددة كأن يبقى صدر البيت فصيحا وعجزه شعبيا، او بالعكس.والفرق بين الخبط والتلميع، كالفرق بين "الخبط" و "التكحيل" عند احتساء البيرة مع العرق. فمن يكحّل البيرة بشيء قليل من العرق حتى لا تفقد الكثير من لونها وطعمها يقولون "كحّلها". أما من "يخبط" بينهما بدون حساب حتى يصبح الكأس لا هو بيرة ولا عرق، يقولون "كام يخبط". أي خبطها معه خبطا. وهكذا يصبح المزج بين الفصيح والشعبي، في الملمّع، اقرب "للتكحيل" منه الى "الخبط". كقول الشاعر:         عقّـد الدهـر امـورا  أبد ما أ كـدر احلها      عندما أقصى سليمى      وين اولي شلون اصلها؟      آه لو جادت بوصل                       چنت أصير امداس الهاوقول آخر:        غادة جاءتني يوما                شايله چيس الطحين        قدها غصن، ولكن                  شنهو غصن الياسمين؟السؤال الوحيد الذي بقيت حائرا في جوابه: من يلمع من؟ الشعبي يلمع الفصيح أم العكس؟ذكرتني حيرتي بذلك المتسول الذي قصد رجلا اعور ليعطيه شيئا. وبعد أن منحه الرجل مبلغا جيدا، رفع المتسول يديه داعيا ربه: ربي سوي عيونه ثنينهن سوه. رد الرجل: تعال ولك منعول الوالدين اشقصدت ..  ان يعميني لو يفتح عيوني اثنينهن؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram