بغداد/ المدى ظاهرة المصطلحات الغريبة التي يتداولها الناس في ما بينهم والتي انتشرت في الشارع وأصبحت ذات معان معروفة للمجتمع، باتت اليوم في نظر المراقبين ظاهرة أفرزتها سنوات الحرب والتوترات التي عانتها البلاد على مدى السنين، وما جرى من دمار في أسس التربية المنزلية بسبب مقتل الآباء في العديد من العوائل، وعدم سيطرة الأمهات على الأولاد في ظل ثقافة الشارع التي تحتاج إلى مسؤولين لتعديلها.
ويتداول بعض الناس مصطلحات لم تكن بعيدة عن التفسيرات الاجتماعية والأخلاقية، ومعظم الكلمات مثل (حواسم، علاس، نكري، علينا مو ملينا، صكاك، ، اشطح ، اكلب ،هي مال دروب، ماكو هيج بطة تلعب شناو، اشتعلوا،  اليوم الدنيا احركها، طاكين، فايخين، ترة اشيلكم، اطفر. وغيرها)يعرفها الجميع ويستخدمها معظم الناس كلغة عصر جديد فرضت نفسها. ويقول تدريسي اللغة العربية في الجامعة المستنصرية ببغداد الدكتور حقي الجبوري إن "لكل مجتمع إفرازات وهذه المصطلحات هي إفرازات المجتمع اليوم." ويضيف الجبوري الذي يعمل مصححاً للغة العربية في إحدى وسائل الإعلام المحلية أن "هذه المصطلحات استجدت نتيجة مرحلة الحروب حيث تعبر عن حالة التدهور والانحدار الذي نشهده مع هذا الجيل بسبب تأثير وسائل الإعلام، والأعمال الفنية التي يغلب عليها طابع الإسفاف، وبسببها ينحدر المجتمع."ويواصل حديثه ان "إمكانية كسر هذه المصطلحات تتم عن طريق تكاتف الجهود الحكومية، إضافة إلى التربية السياسية في المنزل حيث يعول عليها الكثير وعن طريقها يتم نشر ثقافة أخرى هي الثقافة العربية الصحيحة الفصحى، وكذلك ثقافة العيش بحياة أفضل".فيما ترى منظمات المجتمع المدني غير الحكومية أنها في ظل تعاون الحكومة يمكنها تثقيف العوائل التي بدورها يمكنها ان تثقف أفرادها الآخرين، إلا أن قلة الدعم الحكومي هي العائق الذي يقف أمام إنجاح ذلك.وتقول رئلة الفاطمي الناشطة المدنية ونائبة رئيس منظمة العائلة العراقية إن "المرحلة الأولى لتطوير وتثقيف المجتمع تتم عن طريق تثقيف العائلة بتعاون حكومي مع المنظمات المختصة، حتى تتمكن من الوصول إلى اكبر شريحة ممكنة من العوائل في ظل توفر الدعم المادي والنفسي."وتستدرك بالقول "وبتلك الطريقة ستتمكن المنظمات المختصة من تثقيف العائلة التي ستقوم من جانبها بتثقيف أفرادها الآخرين". مبينة أن "المشكلة التي نعانيها اليوم هي قلة الدعم الحكومي الذي يقف عائقا أمام إنجاح تثقيف المجتمع بالصورة الجيدة."من جهته، يقول مصطفى عباس، موظف حكومي إن "الشخص الذي يتكلم بمصطلحات عربية فصيحة يعتبر خارج العالم الذي يعيش فيه وينظر إليه كأنه يحاول التعالي على البقية أو يحاول مخالفة المجتمع ويتعرض كثيرا للنقد".ويضيف عباس "نضطر في معظم الأحيان إلى أن نستخدم هذه الكلمات بسبب انتشارها وفهم معظم الناس لها حتى في أوقات عملنا الرسمية.الكل يتكلم بها ويفهمها، ونحن ضدها لكن الكل اعتاد عليها". ويعتقد المراقبون ان الحروب والتوترات التي شهدها العراق كانت المسبب الرئيسي لنشأة مجموعة جديدة من المصطلحات التي يعتبرها مستخدموها أنها سهلة على اللسان.ويقول الإعلامي هارون الرشيد  إنني "عندما اسمع هذه الكلمات اشعر بغصة في قلبي بالرغم من اعتبار استخدامها سهلة على اللسان، لأنها تبعد المجتمع عن المصطلحات العربية الفصيحة المهمة التي من الممكن أن ترتقي بالمجتمع العراقي."وأضاف الرشيد أن "الطفل إذا تربى على هذه المصطلحات فمن الصعب تعليمه على غيرها لاحقا، وبذلك فإن أجيالا وأجيالا ستلد لا تعرف سوى هذه المصطلحات الغريبة لأنه وفي معظم الأوقات تكون المصطلحات الركيكة هي الأقرب للحفظ."ويستطرد أن "معظم هذه المصطلحات انتشرت في البلاد بعد دخول القوات الامريكية إلى البلاد حيث اثر هذا الدخول على الطابع الثقافي والدليل على ذلك ان معظم الجنود الأميركان وبعد رحيلهم عن العراق تعلموا معظم هذه المصطلحات مع الاحتفاظ بثقافتهم، إلا أن العراقيين لم يستفيدوا من الثقافة الأميركية وحتى لم يتعلموا لغة البلد الذي احتل وطنهم، مثل بقية بلدان العالم التي احتلت عبر التاريخ". أصحاب اللغة العربية اعتبروا هذا الموضوع هو افرازت المجتمع الذي نعيش ضمنه اليوم، ونتائج مرحلة الحروب وتأثير وسائل الإعلام والأعمال الفنية التي يغلب عليها طابع الإسفاف.