اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ليس مع أو ضد

ليس مع أو ضد

نشر في: 16 مارس, 2012: 08:02 م

وميض إحسانيعتقد الكثير من السياسيين العراقيين، لاسيما الذين يمثلون حزب الحكومة والمتحالفين معهم، ان الكاتب الصحفي، او صاحب الرأي، حين ينتقد الاداء الحكومي، في ما يخص الكثير من المسائل التي تتعلق بحياة المواطنين، او تسليط الاضواء على انحرافات المسؤولين الذين يديرون شؤون الدولة العراقية، انما هي محاولات للنيل من العراق الديمقراطي الجديد، تتخفى داخلها نيات مبيتة ينبغي التصدي لها، او مقاومتها، او حتى محاربتها.
ويتفاقم هذا الامر لدى المتحزبين والمندفعين مع احزاب السلطة، ولعلهم المنتفعون من مواقعهم التي يوفرها لهم التطرف في نظرتهم للامور، ويغالون في ظنونهم، فتتحول الظنون عندهم الى ما يكاد يكون يقيناً تتمخض عنه طقوس شعائرية، وممارسات يومية ضد اي مثقف او كاتب او صحفي ينتقد اداء الحكومة، او اي مسؤول فيها، وتوجه اليه اتهامات ضبابية بميول او تعاطف وحتى انتماء للنظام السابق.يستوقفني في هذه الظاهرة المقيتة امران:الاول سطحي نابع من رغبة في ابداء الولاء الضروري، والانحياز الاعمى، تحسباً لمنافع شخصية جديدة تضاف لمنافع قديمة لم تعد كافية لاشباع متطلبات اغتنام الفرص، يساعد على ذلك ان سباق الصعود الى المواقع المتقدمة بات متاحاً في غياب معايير الكفاءة والنزاهة والخبرة التي يتطلبها اي موقع وظيفي او مهني او سياسي.والثاني موضوعي، ولعله فكري، ازعم انه نتيجة طبيعية للفقر الثقافي الذي تعاني منه الكثير من النخب السياسية وحتى الثقافية، اللتان تحتل المواقع المتنفذة في الساحة العراقية، وسعيهما الى حشر المثقفين والمفكرين وأصحاب الرأي الحر في مساحات محددة، ودوائر ضيقة، وتقسيمهم الى جبهات يتم على اساسها تحديد انتماءاتهم وتوجهاتهم، ثم يتم تحديد موقف السلطة منهم.هذه الأمور تذكر العراقيين بالطريقة التي كان النظام السابق يدير بها الحياة في العراق، حيث كان يفترض بالعراقيين ان يحددوا مواقفهم على ضوء ما يقولون وما يفعلون وليس بما يفكرون، وكان يفرض عليهم اما ان يكونوا مع النظام او ضده.هذه الأمور تذكر العراقيين بالطريقة التي كان النظام السابق يدير بها الحياة في العراق، وبالنظرة الضيقة التي كانت القيادات البعثية تعتمدها في تحديد الموالين من غير الموالين، حيث كان مطلوب من العراقيين ان يحددوا مواقفهم على ضوء ما يقولون وما يفعلون وليس بما يفكرون، وكان يفرض عليهم اما ان يكونوا مع النظام او ضده.استغرب من تفكير البعض بضرورة ان يكون الكاتب الصحفي موالياً للسلطة لكي ينال الرضا ويحظى بالقبول، على الرغم من الاخطاء الفادحة التي ترتكبها بحق الناس وبحق السلطة نفسها، او ان يحسم موقفه ليكون "مع" او "ضد"، دون التحسب لاعتبارات الرأي الحر، ومتطلبات النقد البناء. اذ ان هذا النقد في المحصلة النهائية يصب في مصلحة النظام السياسي نفسه قبل اي طرف آخر، انها عملية ايقاظ النائمين وتأشير مواقع الخلل يحتاجهما اي نظام سياسي في مسيرة ادارة الدولة والمجتمع، واستغرب اكثر من سعي البعض الى حشر الكاتب الصحفي او المثقف عنوة في خانة المشبوهين، والمناهضين، حين يتحدث بوحي من ضميره، ويتحمل مسؤوليته الاخلاقية تجاه مهماته الرئيسة، بوصفه ضمير واقعه وصوت مجتمعه، فالكاتب الصحفي الحر عادة ما يناضل من اجل ان يكون مستقلاً، والاستقلالية في المجال الصحفي تعني القدرة على التحرك في كل الاتجاهات، دون الانخراط بالتزامات سياسية تحد من حريته في تناول اية موضوعات تشغل الناس. اذ ان الالتزام في احيان كثيرة يقود الى نوع من العبودية للسلطة والوقوع في اسر اهوائها. لقد فات على الكثير من السياسيين ان الكاتب الصحفي عندما يكتب عن اخطاء النظام، او انحرافات المسؤولين، او اية ظاهرة مؤذية في المجتمع، فان ذلك لايعني ابداً ان يكون موقفه سياسياً "ضد" او "مع".. وحين يتحدث عن الاقتصاد او الرياضة لا يعني انه صاحب تجارة تتنافس في السوق، او انه يسعى لان يكون نجماً رياضياً..  ثمة تفاوت كبير بين موالاة لحزب او تيار او حتى لشخصيات معينة، بغض النظر عن الدوافع، وبين موالاة لقيم وافكار ووفاء لموقف وتجربة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram