حازم مبيضين قد يكون من حق المواطن الفلسطيني العادي أن يشعر بالغضب, وهو يستمع للاتهامات الموجهة لسلطته, بأنها سحبت تقرير غولدستون من مجلس حقوق الإنسان, لتمنع إدانة إسرائيل فيه, فهو يجهل أن السلطة الفلسطينية ليست عضواً في هذا المجلس,
وأنها لذلك لاتملك حق سحب التقرير, أو طلب تأجيل بحثه, وأنها إن أرادت طلب أي شيء من ذلك المجلس, مجبرة على التقدم به من خلال تبني أحد الأعضاء لذلك الطلب, لكن المدهش أن مشيخة قطر التي تتبنى فضائحيتها الحملة الشرسة ضد السلطة الفلسطينية, عضو في المجلس, وكان بإمكانها رفض التأجيل, وبإمكانها اليوم التقدم بطلب لمناقشة التقرير, ليتم ذلك في غضون أسبوع, بدل شن هذه الهجمة على السلطة الفلسطينية ومحاولتها – الفاشلة – لتأليب الشارع الفلسطيني ضدها, أو أنها وهذا الأقرب للصواب تسعى لتخريب جهود المصالحة الوطنية التي ترعاها مصر منذ أكثر من عام, وكان متوقعاً لها أن تثمر خلال الايام المقبلة. أما الجاهيرية الشعبية الاشتراكية الليبية العظمى الخ .. التي تبرعت بعرض التقرير على مجلس الأمن الدولي, في جلسة طارئة دعته لعقدها, فانه كان عليها أن تدرك – إن لم تكن مدركة بالفعل – أن هذا المجلس, الذي ضغط أعضاؤه لمنع مناقشة التقرير في مجلس حقوق الانسان, سيقفز عن هذا الطلب بوسيلة أو بأخرى, وقد فعل ذلك بتأجيل المناقشة إلى حين انعقاد جلسته الدورية, التي ستحيل التقرير إلى واحدة من عدة قضايا مطروحة للبحث, وبحيث يفقد أهميته, وكان حرياً تقديم طلب المناقشة للجمعية العامة التي يحظى فيها التقرير بالاحترام, وتحظى فيها القضية الفلسطينية بالتأييد.لكن المؤسف أن الدول التي تفاخر بأنها من دول الممانعة, تركت لأجهزة إعلامها أن تتطاول على رموز النضال الفلسطيني, الذين قضوا معظم سنوات عمرهم يعملون بإيثار مشهود لأجل قضيتهم, التي تسعى اليوم جمهورية الملالي لاختطافها, عبر ثورجية لفظية ممجوجة, ويتبعها في ذلك جيوش من المتنفعين من الظهور على الفضائحيات, والمناوئين لفكرة السلام في الشرق الأوسط, وبعض صغار النفوس الباحثين عن أدوار ليست على مقاساتهم حتى لو امتلكوا كنوز العالم, وحتى لو تلقوا الدعم من مشيخة قم الأكبر حجماً, والتي تحاول الهيمنة على مقدرات المنطقة العربية, والتحكم بمصيرها, رغم أنها لاتنتمي للعروبة, وتختلط المفاهيم بالنسبة لانتسابها للدين الاسلامي, الذي يبدو لدى الكثيرين مجرد رقم في حساباتها, تجيره حين تشاء لمصالحها الخاصة.ليس دفاعاً عن السلطة, فلديها جيش من الإعلاميين الجاهزين للدفاع عنها, لكن الحقيقة وإن تأخرت فإنها لابد وأن تظهر يوما, وليس غريباً أن تنكشف قريباً الاسباب الحقيقية لهجمة فضائية الجزيرة الفضائحية على السلطة وشخص رئيسها, وحينها سنكتشف أن بعض الشيوخ غاضبون لان شيوخاً منافسين فازوا بعقد شركة الخلوي الفلسطينية الجديدة, وليس مهماً إن كان التنافس اقتصادياً بحتاً, أو أن ذلك وجهاً من وجوه التنافس السياسي الذي لم يعد خافياً على أحد.
خارج الحدود: تقرير غولدستون بين الحقيقة وإعلام التزوير
نشر في: 9 أكتوبر, 2009: 06:34 م