وديع غزوانتناولنا في أكثر من مناسبة تلك التصريحات والكلمات المتشنجة وغير المسؤولة لبعض المحسوبين على السياسة التي تتعرض للكرد وحقوقهم بصورة لا تنسجم والحالة الجديدة التي يفترض أن يعيشها عراق ما بعد 2003 من تحولات ديمقراطية كان يمكن أن تسهم بحل الكثير من الإشكاليات لو سارت بشكلها الطبيعي دون تشويه وتحريف لمضامينها .
فلا خلاف في أن ما ورثه العراق من ثقافات متعصبة تجاه الكرد منذ تشكيل الدولة العراقية ، لابد أن تكون لها انعكاساتها السلبية ، غير أن هذه الصورة كان ينبغي أن تتغير بعد كل الادعاءات بحمل رايات الديمقراطية واحترام الدستور الذي اعترف بحقوق جميع العراقيين، وأعلن صراحة انه متعدد القوميات وهو ليس انتقاصاً لمكانة احد ولا لحقوق مكون على حساب الآخر. كما أن عددا غير قليل إن لم نقل اغلب الأحزاب وشخصياتها قد خبرت بطبيعة أهداف الحركة التحررية الكردية وما قدمته من تضحيات على طريق انتشال العراق وتخليصه من واقعه المزري الذي سببته العقلية الاستبدادية التي لم تفرق بين الكردي والتركماني والعربي المسلم والمسيحي ولا بين الصابئي والايزيدي أو أي عراقي آخر يختلف معها بالرأي أو التوجه، فقد كان الجميع ضحية تلك السياسات مع فارق نسبي ، لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن للكرد النصيب الأكبر في تلك السياسات الوحشية فقد أبيدت قرى ومناطق كاملة لا لشيء إلا لمجرد مطالبتهم بأبسط حقوق المواطنة وفي إطار وطن واحد . من الطبيعي أن تحصل خلافات بين ما يسمى المركز والإقليم، ومن حق أي طرف أن يبدي وجهة نظره بعدد من القضايا ، لكن ما ليس من الطبيعي أن يحاول البعض استغلال هذه الخلافات للنيل من حقوق الكرد ، وهو طرح ينم عن سياسة متعصبة تريد الرجوع بالعراق إلى صيغة "القبضة الحديدية"، للمركز وتسلم الأوامر منه وما على الآخرين إلا الطاعة ، وهي سياسة لم تجلب للعراقيين غير الويلات والدمار. ونعتقد أن من أول واجبات النخب السياسية ومسؤوليتها ، إذا ما كانت مؤمنة حقاً بالديمقراطية ، أن تكرس لمفاهيم التعايش والمحبة بين أبناء العراق الواحد وان تسعى لزرع بذور الثقة للآخرين ، لكي لا يلدغوا "من جحرٍ" أكثر من مرة وهو ما لم يحصل عملياً ، فمجرد ظهور أي خلاف بشأن أية قضية أخرى نرى وللأسف البعض يشهر سيف النيل من الكرد ويسخّر ما يتبعه من وسائل إلى تصوير ما حصلوا عليه من حقوق وكأنه مِنّة وليس استحقاقاً لهم كعراقيين نالوه بجدارة وتضحيات. لا نريد أن نضيف أكثر فما قاله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في المؤتمر القومي الثاني لشباب كردستان إذ كان واضحاً ومباشراً ، ورداً على الأصوات التي تسعى لطمس عجزها وفسادها بافتعال أزمات باتت أهدافها واضحة للمواطن العادي الذي ينظر بعين التقدير والاحترام إلى ما حققه إقليم كردستان لمواطنيه ، ويلعن كل ساعة سراق ثرواته وعرابي مافيات الفساد وحاميها .أخيراً افتخر كعراقي بكردستان كتجربة وبالكرد كقومية وأعلن تقصيري تجاهها واعلم أن هذا لا يرضي البعض ممن جعلته السلطة يدير ظهره للعراقيين جميعا ، فلا يسمع إلا صوت نفسه، وحاشية اعتادت التكيف مع كل الأنظمة وهذا ما يحزن أكثر..
كردستانيات: حقوق العراقيين ليست مِنّة!
نشر في: 16 مارس, 2012: 08:34 م