TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن: نصف القطر "تربيع"

نص ردن: نصف القطر "تربيع"

نشر في: 16 مارس, 2012: 10:24 م

 علاء حسن "تكلّم حتى أراك" قولٌ يؤكد بشكل حقيقي ولا يقبل الشك واللبس، انك تستطيع معرفة المتحدث وخطابه وصفاته وأفكاره وحتى نزواته حينما يتحدث، ومعظم السياسيين العراقيين، يجهلون هذه الحقيقة وهي قديمة وربما تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، فالإصرار على ذكر "القطر العراقي" أثناء الحديث للفضائيات، وفي البيانات الصادرة كتل نيابية قوى سياسية وأطراف مشاركة في الحكومة، تحيل المتلقي إلى زمن مضى،
 يوم كان "القطر" يأكل ويشرب مع العراقيين أثناء انعقاد المؤتمرات القطرية للحزب، أو الملتقى القطري للشعر الشعبي، ومهرجان المسرح القطري، ومساحة الدائرة تساوي نصف القطر تربيع في النسبة الثابتة، وهذه العبارة ترسخت في أذهان طلبة المدارس أثناء تداولها في دروس الرياضيات والهندسة. بعد حادث الخرق الأمني الفاضح في قضاء حديثة خرج احد النواب ليعلن أن "امن القطر" في خطر ولا ينفع معه التربيع أو التركيع، مطالبا الحكومة بعقد المؤتمر القطري لتجاوز الأزمة السياسية، وكان يقصد الملتقى أو اللقاء أو التجمع المؤجل لحين انجاز ورقة جدول أعماله، النائب ينتمي إلى احد الأحزاب الدينية، وترشحه للانتخابات التشريعية قبل حصوله على مقعد في مجلس النواب، مر من خلال بوابة إجراءات اجتثاث الحزب المحظور، والرجل كما يبدو ليس منتميا له، ولكن حينما تكلم رأيناه وكأنه استعار خطاب عزة الدوري لحفظ امن المواطنين "بمواصلة العمل الجهادي".  في أكثر من بيان وحديث لأعضاء في مجلس النواب وخصوصا عبر شاشات فضائيات معروفة تتكرر مفردة "القطر العراقي" والمصرون على استخدام هذا المصطلح، يعبرون عن ثقافة لا تتعدى قراءة وصايا القائد، وكتب وقائع المؤتمر القطري الثامن أو التاسع أو العاشر المطروحة مجانا وقتذاك، وللمؤتمر القطري الثامن حادثة حصلت في معهد الفنون الجميلة في عقد السبعينات من القرن الماضي، وبالتحديد في القسم المسائي لفرع الفنون المسرحية، كان احد الطلبة من البعثيين المعروفين في المعهد، ينوي تقديم أطروحة التخرج مسرحية لكاتب فلسطيني مقيم في العراق، فأمضى اكثر من شهر بالتدريبات والملاحظات، فأثار غضب رفاقه المسؤولين في المعهد، لان الطلبة الشيوعيين قدموا أعمالهم ونالت إعجاب الجمهور والاساتذة، وبعد الاستفسار عن سبب تأخير العرض، قال انه يريد أن يطرح أفكار ومنطلقات البعث بعمله، والامر ليس سهلا والحزب يستحق بذل المزيد من الجهود، حتى نعكس بشكل واضح نظرية علم "الجمال البعثي".أمضى صاحبنا أكثر من شهرين على أمل عرض مسرحيته بحضور احد أعضاء القيادة القطرية والرفاق الآخرين المسؤولين من وزارة التربية، ووفرت له كل المستلزمات والمتطلبات، ولكنه طالب بمنحه أسبوعا آخر لضمان نجاح العرض، وبعد نهاية الأسبوع، لم تتبين ملامح "نظرية علم الجمال" فوقف ممثل معروف حاليا، وسط القاعة مخاطبا المخرج باسمه: "يا معود ليش ما تقرانا كتاب المؤتمر القطري الثامن وتفضها"، وبعد هذه النصيحة عرض المخرج مسرحيته، وكانت مثل قانون مساحة الدائرة نصف القطر تربيع في النسبة الثابتة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram