 الناصرية / حسين العامل احتفل الصابئة المندائيون صباح يوم أمس بأول أيام عيد البنجة (البرونايا) الذي يعد من أهم الأعياد المندائية على الإطلاق، ويستمر على مدى خمسة أيام احتفاء بذكرى خلق وتكوين عوالم النور والأرواح الأثيرية الأولى. ويحتفل الصابئة المندائيون الذين يبلغ تعدادهم نحو 60 ألف نسمة في جميع أنحاء العالم سنويا بأربعة أعياد
 ومناسبات دينية رئيسية، هي الدهفة ربة (العيد الكبير)، والدهفة حنينا (عيد الازدهار)، والبنجة (عيد الخليقة)، والدهفة ديمانه (يوم التعميد الذهبي)، إضافة إلى الاحتفال بثلاث مناسبات أخرى لا تقل أهمية عن الأعياد الرئيسية، هي (أبو الفل) و(أبو الهريس) و(شيشان عيد). وتعد البنجة أو (البروانايا) من أسعد أيام السنة، بحسب ما يوضح رئيس مجلس الصابئة المندائيين في ذي قار سامر نعيم حنظل، في حديثه لـ"المدى"، كونها أياماً نورانية لا يخالطها ظلام. وبين أن أيامها كالآتي: اليوم الأول (ايلايا ربا - الرب العظيم)، والثاني (مارا ادريوثا - رب العظمة)، والثالث (مندا دهيي - عارف الحياة)، واليوم الرابع (ادموث كشطا - رب الحق)، أما اليوم الخامس فهو (المياه الحية الجارية)، وهي بحسب اعتقاد المندائيين يوم واحد لا يداخله ظلام لذلك فإنها من حصة النفس المعرجة إلى أصلها الحياة الأولى. وأضاف حنظل "ففي البنجة وبحسب ما تشير مصادر الديانة المندائية تجلت حكمة الخالق بخلق وتكوين عوالم النور والأرواح الأثيرية الأولى وفيها أيضا تتفتح بوابات النور وتنزل الملائكة والأرواح الطاهرة ويعم نورها الأرض"، مشيرا إلى أنه "لذلك فأن هذه الأيام المقدسة لا تحتسب ضمن أيام السنة المندائية ولا تحتسب من العمر أيضا وفق الاعتقاد المندائي". وتأتي البنجة بعد الثلاثين من شهر (شمبلته) المندائي وقبل اليوم الأول من شهر (قينه) وأيامها غير متطابقة مع التقويم الميلادي فهي تتغير كل أربعة أعوام لكون أشهر التقويم المندائي تتكون من ثلاثين يوما فضلا عن أيام البنجة الخمسة، بحسب ما ذكر حنظل. وعن أبرز الطقوس التي يمارسها المندائيون بعيد البنجة، يقول مسؤول اللجنة الدينية في مجلس شؤون طائفة الصابئة المندائيين في ذي قار رحيم خيري فرحان في حديثه لـ"المدى": إن "طقوس وفعاليات عيد البنجة الذي تجلت فيها حكمة الحي العظيم بخلق عوالم النور تتضمن إقامة احتفالية تعميد لكل الصابئة في الماء الجاري، وإقامة الصلوات وتقديم الصدقات وعمل وجبات طقسية (اللوفاني) على أرواح المتوفين من أبناء الطائفة".وذكر أنه "في هذا اليوم تفتح بوابات عوالم النور على الأرض وتصبح الصلوات وطلب المغفرة والدعوات مستجابة من الحي العظيم"، مضيفا "كما تتضمن استقبال المهنئين بالعيد من صابئة ومسلمين وأديان وطوائف أخرى".ولفت مسؤول اللجنة إلى أن البنجة يعد من أهم الأعياد المندائية كونه يمثل خلق العالم العلوي، موضحا أنه "في البنجة يأخذ الصابئة المندائيون ومنذ ساعات الصباح الأولى بالتوافد على المندي وهم يرتدون رستهم البيض التي تتكون من خمس قطع هي (الكسويا – القميص) و(الشروال - السروال) و(البرزنقا- العمامة) و(النصيفة - الوشاح) و(الهميانة – الحزام)، وهذه الأخيرة عبارة عن حزام من الصوف يتكون من 61 خيطا وهو أقدس جزء في الرسته".والبنجة هي احتفال ديني أكثر مما هي عيد إذ تجري في هذه الأيام التي أخذت اسمها المحلي من اللغة الفارسية احتفالية تعميد على شواطئ الأنهر أو في المندي، وتقام وجبات طقسية على أرواح المتوفين يقدم خلالها اللحم والسمك حسب قدرة أهل المتوفى وكذلك تقدم الصدقات للمحتاجين في هذه المناسبة في حين يعد الزواج وممارسة الجنس وكل ما تحرمه الديانة المندائية من المحظورات في هذه الأيام الطاهرة.