لطفية الدليمي القسم الأول يقول الروائي الفرنسي جيل لوروا عن روايته (أنشودة ألاباما) الفائزة بجائزة غونكور 2007، (إن جوهر روايتي هو انتقام زيلدا من زوجها سكوت فيتزجيرالد الذي دمرها تماما) رواية أنشودة الاباما المروية بلسان زيلدا زوجة الروائي الأميركي – هي رواية سيرة افتراضية عن شخصية حقيقية ووقائع حدثت أو تخيل الكاتب حدوثها، مستفيدا من وثائق وشهادات وأحداث..
اصدر جيل لوروا عشر روايات تفاوتت ثيماتها بين استرجاع أحداث الماضي والتنقيب في ذكريات الطفولة بسعادتها ومعاناتها والتركيز على موضوعة الحنان والعنف والعشق الجامح والنقد الجارح للمجتمعات.. يكشف لنا لوروا في هذه الرواية بطريقة البوح العاري الجريء عن عذابات الكاتبة زيلدا وهي تعيش تحت وطأة شهرة زوجها الروائي الذي أذلها وقمع إبداعها، ونتابع في الرواية أنشودة رثاء حزينة ومضطربة للنفس يرويها الكاتب بصوت المرأة الرقيقة الجميلة ملهمة سكوت فيتزجيرالد وضحيته.عاش الكاتبان الشابان حياة صاخبة بين نيويورك وباريس خلال فترة الانحلال الاجتماعي التي تلت الحرب العالمية الأولى، وزاوجا بين الصخب والانفلات الجنسي والتجارب المثلية في وسط يتسم بالقسوة واللامبالاة وتحطيم النفس والآخر إلى جانب استغلال الشهرة الوافدة للحصول على المال ، تصف زيلدا لحظة عقد قرانهما بأنها (البداية العجيبة للتخبط والتشوش والمقدمة الطبيعية للعمى ) وتواشجت حياتهما بين عمل متواصل من قبل سكوت وابتعاد عن الحب الذي بدأ عاصفا ثم تحلل كشيء فاسد في دائرة العنف الذي كان يعامل به زوجته ويسخر من كتاباتها ويمنعها من نشر قصصها ويومياتها، بينما كان يكتب ليل نهار ليدفع بفصول رواياته وكتبه إلى الناشر ليغطي نفقاتهما، وكان حضورهما في المجتمعات ونشر صورهما كنجمين على واجهات المسارح والسينمات عملا يحصلان منه على أموال طائلة: يبتسمان للكاميرات والفلاشات ويرتديان أجمل الملابس، تقول زيلدا (نحن اخترعنا الشهرة والمتاجرة بها تحديدا وكنا نسير على السجاد الأحمر في مقدمة الجموع ويتبعنا المصورون ..) علاقة زيلدا وسكوت المتناقضة دمرت زواجهما وحطمت روح زيلدا ، فبين الحب المرتبك والانكسار والإذعان كانت حياتهما تمضي قدما في خرابها، هي الفتاة الجميلة ابنة القاضي وحفيدة السيناتور حاكم الولاية وملكة جمال ألاباما التي تزوجت ابن بائع ملابس في فوران الحياة الأميركية خلال عشرينيات القرن الماضي، وفي خضم ظهور التيارات الأدبية والفنية والتجارب الجديدة ، كانت زيلدا الجميلة محط إعجاب الرجال ونجوم المجتمع تكافح بواسطة العلاج النفسي المستمر - كي لا يدمرها الحضور الكاسح لزوجها الذي كان يسرق قصصها وينسبها لنفسه تقول زيلدا (كنت أغيّر مخابئ أوراقي ودفاتري كل أسبوع ولكنه كان يكتشفها)، وبدأت مرحلة انهيارها النفسي وكانت تهجس وتحت وطأة شهرة زوجها الذي منعها من نشر أعمالها- أنه يدفع بها نحو الانهيار حتى أوصلها اضطهاده لها إلى دخول مصحة للأمراض العقلية، وهناك استطاعت أن تكتب رواية كاملة وتهربها إلى الناشر وتعترف زيلدا (في الوقت الذي هجر جسدي كان يستولي على افكاري ودفاتري لتصبح هي زوجته حيث نقل منها موضوع روايته الثانية بلا خجل..) وتعترف زيلدا بحزن (لقد مزق يومياتي ووقع باسمه مقالاتي وقصصي التي كتبتها ، سرق فني وأقنع الجميع بأني بلا موهبة ولا فن، إنني ضحية مخدوعة والمغتصب يشعر بالاغتصاب) وكان يخبر الأطباء المسحورين بشخصيته أن الكتابة تشكل خطرا على عقلها فلندعها ترسم، ومن الرسم بدأت تعيل الأسرة إذ لم تعد كتب سكوت تباع في أميركا..(يتبع)
قناديل :أنـشــودة ألابــــاما: اضطهــاد مبــدعة
نشر في: 17 مارس, 2012: 07:52 م