اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > قمّة بوجوه ومتغيّرات جديدة!

قمّة بوجوه ومتغيّرات جديدة!

نشر في: 17 مارس, 2012: 08:10 م

سليمة قاسم عقود طوال هي عمر القمة العربية، كان مظهرها العام قادة وملوك استبدوا بشعوبهم لا يجيدون سوى ترديد عبارات مشبعة بسحر البيان وانتصارات البلاغة عن المجد العربي الذي أفل وضرورة إحياء ذلك المجد ولو بقوة السيف ، أما توصيات القمة فتملؤها عبارات الدعم والصمود والتضامن والشجب والاستنكار
وغيرها من عبارات الإنشاء التي لا تصلح إلا أن تكون حبرا على ورق، وحين تنهي القمة أعمالها، يعود المؤتمرون إلى ديارهم ليرموا باتفاقاتهم إلى سلة المهملات وتعود المصالح لتتحكم في علاقاتهم  حتى مع الأشقاء. فلم تفلح القمم العربية على مدى تاريخها الطويل في حل أي من قضايا العرب المصيرية مثل القضية الفلسطينية، مشكلة الجزائر، المشكلة اللبنانية ومشكلة العراق، وقد تضمنت توصيات القمة العربية التي عقدت  عام 1964 رفض تحويل نهر الأردن إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، لكن ذلك لم يمنع من تحويل مجرى النهر الذي مازال يصب في مجراه الجديد داخل أراضي إسرائيل منذ ذلك التاريخ.أما القمة العربية التي ستعقد في بغداد نهاية آذار الحالي بعد تأجيل عام كامل فقد تخلت عن البعض من مظاهرها تلك ،فسيغيب عنها للمرة الأولى قادة عرب أدمنوا حضور جلساتها لسنوات عدة بعد الاحداث العاصفة التي شهدها العالم العربي وموجة التغيير التي ضربته  مطلع العام الماضي لتحل محلهم هذه المرة وجوه جديدة كان البعض منها مغيبا كونهم معارضين لأنظمتهم السابقة، وبذا استحقت أن نطلق عليها قمة تعارف  للقادة الجدد.ورغم ضعف جهود الدبلوماسية العراقية على مدى السنوات التي تلت  سقوط النظام المباد في رأب الصدع مع الدول العربية لكن مجرد عقد القمة في بغداد يعني نجاحها في انتزاع الاعتراف العربي بالنظام السياسي الجديد في العراق الذي لطالما أغلقت الجامعة العربية أبوابها بوجهه حين كانوا في صفوف المعارضة للنظام السابق فلم تعترف الجامعة العربية ولا الأنظمة التي تمثلها بالنظام السياسي الجديد بحجة انحرافه عن العروبة  وفرضت عزلة على البلد حتى على صعيد أنشطة ثقافية ورياضية ،وجاء اعتراف معظمها تحت ضغوط  أميركية وزادته عن ذلك بتصدير الإرهاب إلى البلد، وإجباره على دفع تعويضات مالية كبيرة لحروب صدام، بدليل أن تلك الدول لم تفتح سفارات لها في العراق وجاءت الخطوة السعودية متأخرة جدا في تعيين سفير لها غير مقيم في العراق.عقد القمة في بغداد له جوانب معنوية كونه يفتح الطريق أمام العراق لإعادة تطبيع العلاقات مع أشقائه العرب مع وجود قلق وتوجس من  أن لا يكون التمثيل بالمستوى المطلوب. وهو قلق مشروع دفع الحكومة إلى تجاهل خلافاتها السياسية الداخلية  ولكن هل الوقت مناسب لعقدها الآن؟ ودعونا نحاول الإجابة عن هذا السؤال. فوضع البلد غير مستقر لحد الآن بسبب الأزمة السياسية الحادة التي عكسها تأزم الخلافات بين الفرقاء السياسيين وما رافقه من تردٍ في الوضع الأمني، فسلسلة التفجيرات التي ضربت أنحاء متفرقة من البلاد في الأسابيع الماضية تعطي مؤشرات واضحة أن قوى الإرهاب ما زالت لحد هذه اللحظة هي صاحبة المبادرة في توجيه ضرباتها الاستباقية. وهذا يعني ضرورة إعطاء أولوية  لترتيب الوضع الداخلي في البلد وبالتالي تعزيز موقفه في القمة. وحتى لا تلقي الخلافات الداخلية بظلالها على موقفه ذاك.  وقد ترددت أنباء عن  تأجيل المؤتمر الوطني المزمع عقده لحلحلة الوضع المتأزم وهو يعني ترحيل الخلافات إلى ما بعد القمة رغم عدم وجود تعارض بين القمة التي تحل فيها القضايا العربية والمؤتمر الوطني لحل القضايا الداخلية. ويبدو الأمر كمن يدعو ضيوفا إلى بيته وأفراد عائلته متخاصمون! أما المبالغ التي صرفت لتأهيل فنادق وشوارع بغداد لاستقبال الضيوف فقد بلغت حوالي 500 مليون دولار وهو رقم كبير كان  يمكن أن يسهم في حل الكثير من أزمات المواطن. لكننا في الوقت نفسه  بحاجة إلى تنقية الأجواء مع محيطنا العربي الذي تسوده الضبابية، ورغم أننا لا نعلق آمالا كبارا على عقد القمة، التي لن تنجح في إصدار عملة عربية موحدة مثلا أو تسهيل حركة المرور بين بلدانها. إلا أن احتضان بغداد  للمحفل العربي يعني تعزيز علاقتنا بدول الجوار و دول العالم وجذب الاستثمارات العربية إلى العراق في اقل تقدير.القمة القادمة في حال عقدها في موعدها المحدد ستشهد تناقضات حادة تتمثل في تغيير طبيعة أنظمة الحكم في بعض الدول مثل تونس ومصر وليبيا  التي شهدت صعود تيارات إسلامية متشددة فيها ولو بدرجات متفاوتة  إلى السلطة ،أما سيناريو الاحداث  في دول أخرى مثل سوريا واليمن فلم تتضح ملامحه بعد، الأمر الذي يعني أننا أمام مشهد سياسي معقد ،وهنا يتجلى التناقض الأول الذي يتمثل في القمة التي ستجمع بين أنظمة منتخبة وأخرى تحكم بلدانها بطريقة الوراثة منذ عقود من الزمن وقد يدخل طرفاها في صراع خفي وأيهما سينجح في الحصول على الشرعية العربية ، أما الموقف من الاحداث في سوريا فهو الإشكالية الثانية التي سيواجهها المؤتمرين في القمة  حيث تدعم الأنظمة العربية وخاصة مجلس التعاون الخليجي شعب سوري

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram