TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :سلام على آمال الشام وياسمينها

في الحدث :سلام على آمال الشام وياسمينها

نشر في: 18 مارس, 2012: 10:01 م

 حازم مبيضين مع رائحة الدم المسفوك التي غطت روائح الياسمين في شوارع دمشق, تبادل طرفا الصراع في سوريا الاتهامات غير المؤكدة بدليل, حول المسؤولية عن الانفجارين الإرهابيين, اللذين هزا صباح دمشق قبل يومين, وراح ضحيتهما العشرات بين قتيل وجريح, فقد اتهمت السلطات الرسمية معارضيها بشن الهجومين,
في محاولة لتأليب المجتمع السوري ضدهم, وحملت السعودية وقطر المسؤولية لدعمها  للمعارضين, الذين بدورهم اتهموا الحكومة السورية بتدبير الانفجارين, للتخلص من جثث بعض المعارضين الذين قضوا تحت التعذيب, وبين الاتهامين ضاعت الحقيقة, ومعها تعرضت مهمة المبعوث الدولي العربي كوفي عنان للفشل, حتى قبل أن تبدأ عملياً أو نتبين ملامحها. جاء الانفجاران ليعقدا مهمة عنان, فان كانت ردود دمشق مخيبة للآمال كما يقول, فان اتهامات المعارضة للحكومة بتدبيرهما تنال نصيباً من الصدقية, غير أن معارضة مناوئي الأسد لأي مهمة أو وساطة, لا تتضمن تنحيه أولاً عن رئاسة الجمهورية, كما شدد على ذلك وزير الخارجية الروسي في توصيفه لمهمة عنان, تمنح رواية النظام شيئاً من الصدقية أيضاً, إذ يبدو أنه لا مصلحة للطرفين في نجاح مهمة المبعوث الدولي, وإذا كنا نستمع لصوت واحد من السلطات في دمشق, وبما يمنح ذلك الصوت بعض الحيثية حتى لو كان مرفوضاً, فإن أصوات المعارضة المتنافرة والمتباينة والمتصارعة, لا تبدو جديرة بالاحترام, وتبدو وكأنها بعيدة عن الواقع, وتسبح في أوهام التدخل الخارجي, الذي تأمل أن يأخذ دورها في إطاحة نظام الأسد, بغض النظر عن حجم الخسائر التي ستصيب المجتمع السوري.عنان كان قد حث مجلس الأمن الدولي على الوحدة, وكسر الجمود, لدعم جهوده لإنهاء العنف الذي يدفع بلاد الشام إلى حافة الحرب الأهلية, وشدد أنه كلما زادت قوة رسالة المنظمة الدولية,  تزداد الفرص لتغيير محركات الصراع, وهو اعترف بأن ردود دمشق على اقتراحه للسلام, المكون من ست نقاط مخيبة للآمال, لكنه لن يتراجع عن مهمته وسيواصل المحادثات مع المسؤولين السوريين, وكان منتظراً أن يصل إلى دمشق أمس فريق فني من مكتب عنان, لمناقشة اقتراح نشر مراقبين دوليين في سوريا, وبشرنا المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بأننا سنسمع أنباء سارة, لأن هناك عملية سياسية شاملة تجري, وكان رد مجلس الأمن على تقييم عنان, هو تعهد جميع أعضائه بمنحه تأييدهم الكامل, والاتفاق على توجيه رسالة موحدة من المجلس ستساعد مهمته, غير أن قراءة متأنية لمواقف الفرقاء لا تدفع للتفاؤل فالأسد يطالب معارضيه بوقف القتال أولاً, بينما تقول الولايات المتحدة ودول الخليج العربية والدول الأوروبية, إنه يتعين على الأسد وجيشه الأقوى بكثير, القيام بالخطوة الأولى, وتجمع روسيا المطلبين فتدعو الجانبين لوقف القتال بشكل متزامن.الواضح أن تفجيري دمشق المدانين بكل المقاييس, لأنهما أصابا مدنيين أبرياء, كانا رسالةً شديدة اللهجة, لم تجد بعد من يجرؤ أن يتبناها, وإن كانت النتائج تصب في مصلحة هذا الطرف أو ذاك, فإن الثمن الذي دفعه المواطن السوري أغلى بكثير من أن يراق على أرصفة دمشق, لتحقيق أي هدف مهما كان عظيماً, أو توهم أصحابه أنه نبيل, وإذا كان طرفا النزاع يزعمان أنهما يدافعان عن مصلحة المواطن السوري, فإن الطبيعي ألا يرتكب أي منهما مثل هذه الجريمة, لكنه يبدو أن السعي للسلطة, أو التمسك بها, يبيحان كل المحظورات, بما فيها الدم المحرم إراقته وطنياً ودينياً وإنسانياً, والمؤسف أننا لا نملك غير القول سلام على الشام وأهلها وياسمينها وآمال مواطنيها, واللعنة على كل من يسفك قطرة دم واحدة في أرض بلاد الشام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram