سميرة المانع شاهدنا على شاشة التلفزيون الصغيرة ما حدث بالولايات المتحدة الأميركية يوم 11 سبتمبر/ ايلول 2011 ، حينما عُدّ الضحايا دون الرجوع إلى لونهم أو جنسهم أو دينهم . لقد تساووا جميعاً ، كبشر لا غير ، فالموت ، خلاف الحياة ، يجعل البشر متشابهين متساوين .
هذا برهان ساطع صغير مؤثر يثبت أننا، كلنا، نواجه المصير الواحد ونتقاسم المعاناة نفسها. هذه الكارثة الرهيبة جعلتنا نفكر، قبل كل شيء، بأن ما نريده الآن، هو السلامة. السلامة لها الأولوية في مطاليب البشر العاديين، لا يشك أحد في ذلك، لا نقبل بالموت اللهم إلاّ إذا حصل لأسباب طبيعية.لو قلنا إن عالمنا اليوم هو عالم الرجل، لن نضيف شيئاً جديداً. فهو ، كما نلاحظ، يخترع اللعبة وينظم قوانينها والمرأة تطيعه. الآن نشهد الوضع القائم وما سببه صنيعه. يستطيع المرء القول، ومن دون أدنى شماتة، إنه، والمرأة خلفه، يحصدان ما زرعه هو بنفسه في العالم كله. النساء متأثرات بشكل مضاعف لما حصل، خصوصاً أنهن يدفعن عقوبة أمورٍ لم يقمن بارتكابها، لم يساهمن في صناعة القرار، وإن وجدت أعداد منهن أثناء إصدار القرارات، فالغالب أنهن للزخرفة فقط. وجهة نظر النساء تُهمل، والأسوأ من ذلك يُسخر منها بعض الأحيان لدرجة الاستهزاء والضحك عليها. فلسفة معظم الرجال في هذه الحياة باقية على حالها دوماً، ومنذ زمن سحيق .هي المنافسة سواءٌ عن طريق الحروب، المؤامرات، الأسلحة الفتاكة، الأرباح الطائلة، والمزيد من الطمع في المناصب.لا مفرّ، في تركيبة نظام كهذا، من انفجار الوضع بالعنف والصراعات. هناك من يحتج ويناقش ذاكراً أن نساءً حكمن في وقت من الأوقات، هنا وهناك ، فلماذا لم يغيرن شيئاً في العالم؟! هذا صحيح ، لكن لسوء الحظ ، معظم هؤلاء النسوة الحاكمات حاولن أن يقلدن عادات الرجال،أصبحن رجالاً أكثر من الرجال أنفسهم متباريات مع الرجل حتى في التضييق على بنات جنسهن من أجل ارضائه وإبقائهن في مناصبهن. هذا لا يعني أن الأخريات راضيات مثلهن. الأخريات طالما تقن إلى إيقاف التفرقة بين الجنسين والحروب، إذا سمح لهن. بل تقن إلى تغيير مجرى الأحداث من أجل السلام. المثل الواضح قبل سنوات، حين تظاهرت الامهات الأربع الاسرائيليات إحتجاجاً على الحرب في جنوب لبنان. إنهن ، في الأقل، استطعن بعملهن آنذاك، تهيئة الجو للإسراع بانسحاب الجيش الإسرائيلي. كانت مبادرة جريئة من قبل النساء. نتمنى المزيد، بدلاً من أن تُغسل أدمغتهن عن طريق الرجال، من أجل أن يقتل الواحد الآخر طيلة الوقت. القتل ليس من طبيعة المرأة . ليس من إختصاصاتهن.رغم كل شيء ، أنني لست ضد الرجال. ما أودّ قوله ، هو أن بعضهم ، وبإمكاني القول، مع الأسف الشديد، عدد كبير منهم ، يشبهون أحد الصحفيين العرب، عندما سُئل في مقابلة له عن وجهة نظره في قابلية المرأة فأجاب بصراحة، ومن دون تردد : " يجب أن يكون للمرأة وجه جميل، لا حاجة لها للكلام". تصريح كهذا من الممكن إهماله، لو جاء على لسان إنسان عادي. إلا أن المتكلم بهذا الرأي رئيس تحرير صحيفة معروفة.على أية حال، علينا ألاّ نيأس، فهناك رجال آخرون كرسوا معظم حياتهم للدفاع عن قضية المرأة بانصاف ولاعطائها حقوقها. كانوا عادلين مضحين. عملوا معها سوية من أجل تحقيق بعض ما تطمح إليه وعانوا جراء ذلك. المعروف، انّ الكاتبة الروائية الانكليزية، المعروفة باسم رجالي هو جورج اليوت (1819- 1888) اضطرّتْ إلى تغيير اسمها واستخدام اسم مستعار بدلا من اسمها الحقيقي ماري آن إيفانس وقدمت أروع الاعمال الروائية بالعالم. معظم النقاد يشهدون الآن كيف أن تأثيرها كان واضحا ومهماً في تطوير الرواية الإنكليزية بعدئذ ومنذ ذلك الحين. اليوم، لحسن الحظ ، لا تحتاج الكاتبات، من أمثال سوزان سونتاك الاميركية أو أرنداتي روي الهندية وغيرهن، فعل ذلك. أما بالنسبة للنساء العربيات الكاتبات، بالمقارنة، فهن على الرغم من استعمال أسمائهن الحقيقية في كثير من الأحيان، لكن بعضهن، خلاف الرجل الاديب الذي قليلاً ما يكلف نفسه كي يظهر جذابا، ينهمكن باخفاء وجوههن وشخصياتهن الحقيقية ليحققن ما اراده الصحفي أعلاه. خصوصا بعد الخمسينات من القرن العشرين وسيادة ما يسمى بثقافة النقود والسوق في العالم العصري كله، ليصبح اهتمام معظم دور النشر في الدول العربية بالكتاب الذي سيحقق ارباحا مادية كأي بضاعة بيع وشراء أخرى . تارة بالاعلانات الكبيرة أو عن طريق السعي لتشويقه بمواضيع جنسية مكشوفة باستعمال الفاظ الجسد للإثارة، أو ادعاء الناشر بعدد النسخ المفبركة التي بيعت بعد صدوره مباشرة ليعيد طباعته مرة أخرى، مما يجلب فضول البعض للاطلاع عليه وهلمّ جرا. صار الاهتمام بالقشرة لكسب الزبائن كرجال أعمال دائميين أهم من اللب. غير عابئين، أو ربما يجهلون أن جيمس جويس طبع روايته الشهيرة بالعالم (يوليسيس) سنة 19
المرأة بضاعة وزخرفة
نشر في: 19 مارس, 2012: 06:58 م