ترجمة / عادل العامل إن نقاط الضعف في الطبيعة البشرية لم تتغيّر منذ زمن الكاتب المسرحي الروسي أنطون تشيخوف، كما تقول جنيفير فرار في مقالها هذا. وكما كان تشيخوف مؤلف قصص قصيرة وافر العطاء، فإنه كان يسخر بلطفٍ من مواضيعه البشرية المصابة بالعطب في الغالب. فكانت شخصياته في القرن التاسع عشر أحياناً حمقاء، أو ملتاعة من الحب، أو سوداوية، وهي رجال، ونساء، وأطفال من جميع الطبقات يمضون أحياناً في سبيلهم، مدمّرين من دون قصدٍ رغباتهم الخاصة.
ولقد قامت ميلانيا ليفيتسكي بتكييف تسعٍ من قصص تشيخوف المشهورة من ترجمة كونستانس غارنيت، مبدعةً كوميديا تُدعى "تشيخوفيك  Chekhovek"، وقد بدأ عرضها في مسرح آركلايت في نيو يورك.والعنوان السابق للإنتاج، "الفضيلة، والرغبة، والموت، والحماقة "، يمثّل وصفاً جيداً للمواضيع التي تغطيها هذه المجموعة المختارة من حكايات تشيخوف المعقدة عاطفياً. ويتكون العمل من 14 مشهداً يسردها ويمثّلها بحيوية خمسة ممثلين، أيدي ألين، وديفيد أندرسون، و أليزابث فونتَين، وروب ليو روي، وسيليا شافَر. ويقوم الموسيقي جوناثان تالبوت بعزف الموسيقى الشعبية التي ألّفها للعرض. ويصوّر طاقم التمثيل فرقةً من الممثلين والممثلات يؤدون عملهم الفني في مسرح قديم، وهم يستخرجون الأدوات والملابس من صناديقها والمتغيرة. فنجد شافَر تُضفي شدةً مكدرة على تصويرها الشخصية الرئيسة يقومون بإلباس بعضهم بعضاً على المسرح حسبما تقتضيه المشاهد غير السعيدة والمطيعة في "زوجة الكيميائي" التي تنفتح تدريجياً لتجرب الابتهاج والإصابة بالدوار في صحبة غير متوقعة مع ضابطين سكرانين بشكلٍ مضحك في آخر الليل.أما أندرسون، فغالباً ما تبدو على وجهه سيماء شيطانية، ساخرة تتلاءم تماماً مع الأدوار التي يقوم بها، والتي منها دور الموظف المنحوس الأحمق في "موت موظف حكومي"، ودور خاطب متردد يحاول أن يتجنب الوقوع في شرك الزواج بتخطيط من والدي صديقته في "هفوة"، ودور فيلسوف مجنون يولّد البهجة بشكل متزايد عن طريق التكلم مع شبح يقوم بترديد أفكاره، في " الراهب الأسود ". ويمكن القول إن بعض اختيارات ليفيتسكي أكثر سوداويةً من كونها كوميدية، كما في " فانكا "، حيث يكتب ولد صغير حزين ( يصوره فونتين بشكل معبّر ) رسالة مفعمة بالأمل على نحوٍ يائس يمكن ألا تصل أبداً الشخص الذي يعتقد بأنه يرسلها إليه. و كذلك الحال مع الزوج الغائب في " مدير الصيد Huntsman "، الذي يعطيه الممثل روي هيئة ازدراء متّسم بالأبهة، ويبدو قاسياً بغير قصد نحو الزوجة المستغيثة (فونتين) التي هجرها طويلاً، وهو وضع يتّسم باليأس والحزن. و تُنهي ليفيتسكي هذا الإنتاج بملاحظة آملة، حيث يردد طاقم التمثيل جميعاً نهاية موسيقية عن ألوان " سماء مفتونة enchanted ". ففي الوقت الذي غيّرت فيه الظروف الاجتماعية والتكنولوجيا الآن الطريقة التي ينظر بها الناس ويتحدثون ويتفاعلون، فإن الأحاسيس الأساسية التي صوّرها تشيخوف بتلك المراقبة الموهوبة العميقة التأمل والتفكير تبقى هي نفسها. وإن مشاهدة وسماع نتاجه يُنجز بالموثوقية أو الأصالة التي اتّسمت بها هذه الفرقة لهوَ متعة كبيرة بالنسبة لعشاق الأدب العظيم.