TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > درس في الإنشاء عن المرأة!

درس في الإنشاء عن المرأة!

نشر في: 21 مارس, 2012: 07:00 م

محمد ثامر يوسفولا جملة مفيدة واحدة فهمتها محدثتي المحاضرة، التي أمامي "أمامنا" ،وهي تسرد وقائع تاريخية مكررة في ندوة حسبتها تتعلق بأحوال المرأة اليوم وأوضاعها الواقعية الصعبة اليوم.كنت مدعواً منذ أيام لجلسة أقامتها إحدى منظمات المجتمع المدني، وقيل أنها عن المرأة وأحوالها، لكن الجلسة ما أن بدأت حتى صارت مكانا للإلقاء المدرسي، إذ تسلحت المحاضرة إياها حالا،
 بقوة الإنشاء والسرد “الأيديلوجي الديني” والقصص التاريخية ، وكأنها في مهمة عسكرية وراحت تشرح كيف كانت المرأة أيام زمان وكيف كانت أخلاقها وكيف جاهدت في صدر الإسلام، غافلة عن قصد أو جهل، الحديث مباشرة وبحرارة عن قضايا معاصرة تعانيها المرأة العراقية اليوم، أو هي مؤثرة في مجريات حياتها ومشاغلها بما  فيه ما تتعرض له من تضييق وتحرش جنسي معلن في الدوائر الرسمية الحكومية  من نافذين وغير نافذين بذرائع "شرعية" شتى، كما لم تمر محدثتي على هموم المرأة المعيشية الصعبة، ولا عن ضغط الأعراف الاجتماعية عليها، ولم تتطرق كذلك لعدد النساء الأرامل وكيف يعشن، أو اللواتي بلا معيل وماذا فعلت المؤسسات الحكومية والقوى والأحزاب الدينية المستمكنة لإنقاذهن مما هن فيه..بدلا من ذلك راحت المحاضرة ،وهي أستاذة جامعية-للأسف-تلقي علينا نشيدا مطولا في التربية والأخلاق القويمة، وكأننا "كأنهن" طلاب في صف، مستعيرة في السياق، وصفات التاريخ كله من كتب طائفية معينة أو من أقوال تتكرر كل يوم في الخطب الدينية/السياسية وعلى الشاشات..الملل الذي أصاب الجميع، أصابني، فلم أجد حرجا من النهوض، منسحبا بصمت من ندوة سميت باسم المجتمع المدني، وأقيمت زورا باسم المرأة وقضيتها و"عيدها"!.صورة الخطاب الرسمي أو شبيهه الذي يقدم باسم المرأة هذه الأيام هو هذا، نمط لايختلف كثيرا عن تلك الطريقة التي أصابتني بالغثيان، خطاب لكي يتهرب من وقائع راهنة وتفاصيل محرجة يومية تعانيها المرأة وتمس حريتها وتجرح كرامتها، يلجأ إلى التاريخ، إلى الماضي، حل سهل للفرار من أسئلة تتعلق بما تعانيه المرأة العراقية سواء من المجتمع، أو في داخل بيتها أحيانا. وهي طريقة مريحة جدا وغير مكلفة ولا تحتاج إلا لكلام، طريقة تجد دائما في التاريخ ما هو جاهز، وفي الغيب وسيلة مناسبة للتخلص من كل شيء، بما فيه وأوله من الإجابات الراهنة الصعبة والملحة.اللافت في بعض النساء اليوم وكلما سنحت لهن فرصة للعمل في مناخات يقودها الرجل، أو يعملن في ظلاله أو بتأثيرات منه، أو ممن ينضوين في أحزابه، يصبحن بمجرد ذلك أكثر منه سطوة وقمعا خصوصا في إعادة استخدام التاريخ والتواطؤ مع الماضي، غير مباليات بمشكلات وهموم زميلاتهن، عابرات فوق آلامهن وما يعانينه بخفة. إنه نوم مريح خارج الحياة، نوم في التاريخ يحتاج إليه الرجل المتسلط، بصورة من الصور، وتلبيه  بحماسة بعض النساء مثل محدثتي هذه، منذ أيام..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram